أحمد حسين
سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها.. والسيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف.. فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ.. أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار، لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح. وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، وهؤلاء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقبا مميزا ولا وصفا جميلا، بل هم صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط، ويسير بلا همة، ليس له أعمال تنقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يمدح بشيء، لأنه خال من الفضائل، ولا يسب لأنه ليس له حساد.
هكذا كان حال بعض وسائل الإعلام المصرية والجزائرية «المتعصبة» قبل المواجهات الثلاث التي جمعت منتخبي الفراعنة ومحاربي الصحراء في تصفيات كأس العالم والتي أشعلت فتيل الحرب بين البلدين الشقيقين، وملأت الدنيا صراخا وعويلا وأخبارا كاذبة وشائعات عن قتلى وجرحى ألهبت المشاعر وجعلت المتربصين بالعرب يشمتون فينا.
وقبل مباراة اليوم بين مصر والجزائر في نصف نهائي كأس أفريقيا وبعدما هدأت الأمور حاول بعض الإعلاميين إيقاظ الفتنة النائمة «لعن الله من أيقظها»، وإشعال فتيل الحرب مجددا بين الطرفين، وتجديد الجراح التي التأمت لكن عبثا حاولوا لأن العقلاء في مصر والجزائر نجحوا في تهدئة الأمور والاستفادة من أخطاء التجربة السابقة الأليمة، ورغم بعض المناوشات والسموم التي يبثها البعض من الإعلاميين إلا أن الأمور لن تصل أبدا لما حدث في تصفيات المونديال في بليدة والقاهرة وأم درمان.
ومن حق المصريين ان يمنوا أنفسهم بالفوز والثأر من خروجهم من كأس العالم على يد الجزائريين، وكذلك من حق ثوار الجزائر ان يحلموا بالفوز على المصريين لتأكيد جدارتهم بالتأهل للمونديال لكن ليس من حق احد من الجانبين ان يوجه الإهانة للآخر ويهاجمه مثلما حدث في السابق.
والمصريون وخصوصا الفلاحين والصعايدة «بيشجعوا» مصر «واحنا معاهم»، ويتمنون الفوز بكأس أفريقيا وتعويض الفشل في التأهل للمونديال بالثأر من الجزائر وتأكيد حق الفراعنة المهدر في اللعب في جنوب افريقيا وتحويل الهزيمة غير المستحقة في «موقعة» ام درمان المؤلمة الى فوز كبير ومشرف، وكما يشتهر صعيد مصر بعادة الثأر ودائما ما نسمع مقولة «التار ولا العار» لدى الصعايدة لذلك أتمناها مباراة نظيفة وثأرية «بلا أي مشاكل». ونصف لاعبي الفراعنة صعايدة لعل أبرزهم أحمد حسن ابن مغاغة بمحافظة المنيا الذي يعول عليه المصريون آمالا عريضة في تحقيق الفوز والتأهل للمباراة النهائية والاقتراب من تحقيق كأس أفريقيا للمرة السابعة في تاريخ الفراعنة والثالثة على التوالي، كما يسعى مدرب الفراعنة وقاهر الأسود حسن شحاتة ابن البحيرة وبلدياته محمد ناجي «جدو» لتحقيق الفوز والانتقام من محاربي الصحراء والرد على المشككين والمنتقدين لقدرات الفراعنة في الفوز باللقب. ورغم الشائعات والانتقادات التي تعرض لها شحاتة إلا ان المعلم يعمل ويجتهد ويتقن ولا يصغي لمثبط أو حاسد أو فارغ.