هو العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمر بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي.
كان من الذين يتربصون الشر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
قال ابن كثير: قوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر) الكوثر: 3، أي: إن مبغضك يا محمد، ومبغض ما جئت به من الهدى والحق، والبرهان الساطع والنور المبين (هو الأبتر) الأقل الأذل المنقطع ذِكره، قال ابن عباس ومجاهد: نزلت في العاص بن وائل، وقال يزيد بن رومان: كان العاص بن وائل إذا ذُكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره، فأنزل الله هذه السورة.
وقال السديّ: كانوا إذا مات ذكور الرجل، قالوا: بُتر، فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: بُتر محمد، فأنزل الله: (إن شانئك هو الأبتر) وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذِكره، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه انقطع ذِكره، وحاشا وكلا، بل قد أبقى الله ذِكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرا على دوام الآباد، إلى يوم المحشر والمعاد، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد. (تفسير ابن كثير).
وكان العاص شديد الكفر بدين الله تعالى، مستهزئا بشرعه، ومن ذلك: ما رواه مسلم في (صحيحه) عن خباب بن الأرت قال: كنت رجلا قينا (أي: حدادا)، وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيتــه أتقاضاه، فقال: لا، والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد.
فقلت: واللــه لا أكفر بمحمــد صلى الله عليه وسلم حتــى تمــوت، ثم تُبعث.
قال: فضحك، ثم قال: إذا مُتُّ، ثم بعثت جئتني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك حقك. فأنزل الله تبارك وتعالى: (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتينّ مالا وولدا) إلى قوله عز وجل (ويأتينا فردا) مريم: 77 ـ 80.
ومن ذلك أيضا ما رواه ابن إسحاق قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام، وكلمهم فأبلغ إليهم، فقال له زمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث، والأسود بن عبد يغوث، وأُبي بن خلف، والعاص بن وائل، لو جُعل معك يا محمد مَلَك يحدِّث عنك الناس ويرى معك! فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: (وقالوا لولا أُنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقُضي الأمر ثم لا يُنظرون، ولو جعلناه مَلَكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون) الأنعام: 9.
قال ابن إسحاق: فحدّثني يزيد بن رومــان، عن عروة بن الزبير، أو غيره من العلماء: أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمر به الأســود بن المطلــب، فرمــى في وجهه بورقة خضراء، فعمي.
ومر به العاص بن وائل، فأشار إلى أخمص رجله فخرج على حمار له يريد الطائف، فربض به على شبارقة، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته.
قال الإمام الطبري: نزل قوله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين) الحجر: 95، في العاص بن وائل السهمي وجمع من أصحابه من قريش.