هو أمية بن خلف بن وهب بن حذامة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. كان من أشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، تفنن في تعذيب بلال وغيره. وعندما سلم بلال إلى غلاميه قال لهما: هو لكما اصنعا به الذي شئتما، فخرجا به إلى بطحاء بمكة فبسطاه على رمضائها وجعلا الرّحا على كتفيه قائلين: اكفر بمحمد، فما كان منه إلا أن ازداد إيمانا وتوحيدا، حتى مرّ أبوبكر رضي الله عنه به فاشتراه. وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى فيه: (ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع مالا وعدّده، يحسب أن ماله أخلده، كلا لينبذن في الحطمة، وما أدراك ما الحطمة، نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، إنها عليهم مؤصدة، في عمد ممددة) سورة الهمزة. قال ابن اسحاق: وحدثني عبدالله بن أبي نجيح: ان أمية بن خلف كان أجمع القعود، وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا، فأتاه عقبة بن أبي معيط، وهو جالس بين ظهراني قومه، بمجمرة يحملها، فيها نار ومجمر، حتى وضعها بين يديه، ثم قال: يا أبا عليّ، استجمر، فإنما أنت من النساء، قال: قبّحك الله وقبّح ما جئت به، قال: ثم تجهز فخرج مع الناس الى بدر.
مقتل أمية بن خلف
وروى ابن اسحاق عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة، وكان اسمي: عبد عمرو، فتسميت حين أسلمت عبدالرحمن ونحن بمكة، فكان يلقاني أمية إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سمّاكه أبواك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به، أما انت فلا تجبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف، قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو لم أجبه، قال: فقلت له: يا أبا عليّ، اجعل ما شئت، قال: فأنت عبدالإله، قال: فقلت: نعم، قال: فكنت إذا مررت به، قال: يا عبد الإله فأجيبه، فأتحدث معه. حتى إذا كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع ابنه عليّ بن أمية، آخذ بيده، معي أدراع، قد استلبتها فأنا أحملها، فلما رآني قال لي: يا عبد عمرو فلم أجبه، فقال: يا عبدالإله، فقلت: نعم، قال: هل لك في فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك، قال قلت: نعم، ها الله ذا! قال فطرحت الأدراع من يدي، واخذت بيده ويد ابنه، هو يقول: ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن؟ قال ثم خرجت أمشي بهما. قال ابن اسحاق: قال عبدالرحمن بن عوف، قال: قال لي أمية بن خلف، وأنا بينه وبين ابنه، آخذ بأيديهما: يا عبدالإله، من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبدالمطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل. قال عبدالرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي ـ وكان هو الذي يعذب بلالا بمكة على ترك الإسلام، فيخرجه الى رمضاء مكة إذا حميت، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لاتزال هكذا أو تفارق دين محمد، فيقول بلال: أحد أحد ـ قال: فلما رآه، قال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، قال: قلت: أي بلال، أبأسيري، قال: لا نجوت إن نجا، قال: قلت: أتسمع يا ابن السوداء، قال: لا نجوت إن نجا، قال: ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصارالله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا. قال: فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة وأنا أذب عنه قال: فأخلف رجل السيف، فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، قال: فقلت: انج بنفسك، ولا نجاء بك فوالله ما أغني عنك شيئا، قال: فهبروهما بأسيافهم، حتى فرغوا منهما، قال: فكان عبدالرحمن يقول: يرحم الله بلالا، ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري. وبالإضافة الى ما سبق فإن أمية كان رجلا متكبرا متعجرفا، فقد قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من معه إلا أمية فقد أخذ كفا من حصا، وقال: هذا يكفيني.