عبدالله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين، وأحد المبغضين بشدة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد دخل في الإسلام حفاظا على نفسه وماله.
أما سبب العداوة: فلقد كان قومه قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يريدون أن يلبسوه التاج ليكون سيدا عليهم، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم تركوه، فاعتبر ان النبي صلى الله عليه وسلم سلبه الملك فحقد عليه من حينها، ولبس ثوب النفاق، وراح يخذل المسلمين من موقعة الى أخرى.
ومن الأمثلة على نفاقه وإيذائه للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم:
حين اجتمع زعماء قريش ممن لم يقتلوا في غزوة بدر، وقرروا ان يأخذوا بالثأر من محمد وأصحابه، وجهزوا جيشا قويا لذلك، وخرجوا من مكة متوجهين الى المدينة، وكان عددهم 3 آلاف مقاتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاستشار أصحابه، وخيّرهم بين الخروج لملاقاتهم وقتالهم، أو البقاء في المدينة، فإن دخلوا عليهم فيها قاتلوهم، فكان رأي بعض شيوخ من المسلمين، عدم الخروج من المدينة، وكان عبدالله بن أبي ابن سلول من أصحاب هذا الرأي، غير ان كثيرا من الصحابة ممن لم يكن لهم شرف القتال في بدر رغبوا في الخروج، وقالوا: يا رسول الله اخرج بنا الى أعدائنا، لا يرون انا خفناهم وضعفنا.. ولم يزل أصحاب هذا الرأي برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وافقهم على ما أرادوا، فدخل بيته فلبس درعه وأخذ سلاحه.
وظن الذين ألحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج انهم قد استكرهوه على ما لا يريد، فندموا على ما كان منهم، ولما خرج عليهم قالوا: استكرهناك يا رسول الله ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته (أي: درعه) ان يضعها حتى يقاتل».
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في ألف من أصحابه، وذلك من شهر شوال، حتى إذا كانوا بين المدينة وأحد، تراجع عبدالله بن أبي بن سلول بثلث الجيش، وعامتهم من شيعته وأصحابه المنافقين وهو يقول: عصاني وأطاع الولدان، ومن لا رأي له، وما ندري علام نقتل أنفسنا؟ ولحقهم عبدالله بن حرام يناشدهم الله ألا يخذلوا نبيهم، فلم يستجيبوا لندائه، فنزل قوله تعالى: (وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون).
وفي عزوة بني المصطلق استغل عبدالله بن أبي خلافا بين غلامين تنازعا، عن جابر رضي الله عنه قال: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما بال دعوى الجاهلية» فقيل: رجل من المهاجرين: كسع رجلا من الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوها، فإنها منتنة»، قال جابر: وكان المهاجرون حين قدموا المدينة أقل من الأنصار، ثم إن المهاجرين كثروا، فبلغ ذلك عبدالله بن أبي بن سلول، فقال: فعلوها، والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
وفي رواية: راح يردد قائلا: والله إننا على حد قول القائل: سمن كلبك يأكلك!
فسمع ذلك عمر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عمر، دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه». (متفق عليه).