يعد عثمان بن عفان رضي الله عنه أول من اتخذ دارا للقضاء، فقد كان القضاء في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في المسجد، في حين فصل عمر بن الخطاب القضاء عن الولاية، وعين للقضاء اشخاصا غير الولاة، وفصل بين السلطتين فولى أبا الدرداء معه قضاء المدينة، وولى القاضي شريحا قضاء البصرة، وأبا موسى الأشعري قضاء الكوفة، وعثمان بن قيس بن أبي العاص بمصر، ويروى انه قال لواحد من قضاته «رد عني الناس في الدرهم والدرهمين» ، الذي يبين أهمية وظيفة القضاء «ولما كانت وظيفة القضاء ذات خطر وشأن، جاءت السنة بأحاديث كثيرة في الترغيب عن القضاء والزهد فيه، بقصد ابعاد من تحدثه نفسه الدخول فيه ممن هو ليس من أهله، سواء العالم الجائر أو الجاهل الذي لا يحسن تطبيق الاحكام على الوقائع»، ومن هذا ما روى ان الرسول صلوات الله عليه قال: القضاة ثلاثة «قاضيان في النار وقاض في الجنة، قاض عمل بالحق في قضائه فهو في الجنة، وقاض علم الحق فجار متعمدا فذلك في النار، وقاض قضى بغير علم واستحيا ان يقول اني لا أعلم فهو في النار».
ان الأصل في القضاء العلانية، فيقول: «والذي كان عليه قضاء الرسول والخلفاء من بعده، هو العلانية في المسجد أو في مكان عام، لا يمنع احد من دخوله، فالأصل في القضاء الاسلامي هو العلانية، حتى تكون الدعوى معلومة، فيدخل في الخصومة من يجد انها تتعدى اليه، أو له بها علاقة، وحتى يحصل الاطمئنان والردع والزجر.