بقلم: عبدالمحسن زهير الزامل
عندما يفكر الواحد منا كيف يقضي وقته في رمضان، وكيف يخطط ليومه ويجزء ساعاته ويقسمها ما بين قراءة للقرآن وزيارة للأهل والخلان، والعزيمة على الصيام والتعبد في الليل والقيام، فكل هذه الأمور تجعل الإنسان المؤمن يعيش في حياة إيجابية للغاية تزيد من روعة وجمال وسكينة هذا الشهر الفضيل، الذي اختصه الله تبارك وتعالى بالعديد من المزايا الكبيرة والمكآفات العظيمة عن بقية الأشهر الأخرى، فهو شهر القرآن وهو شهر العبادة والعمل، فيه تصفد الشياطين فيختلي فيه المؤمن بربه وتفتح أبواب الجنان ليتقرب الإنسان من الملك العلام، وفيه ليلة خير من ألف شهر.
والغريب في هذا الأمر أن هناك بعضا من الناس يترك هذه المزايا الرائعة التي أكرمنا الله عز وجل بها في شهر الصيام ويركن إلى العيش في أجواء مضطربة غير التي ميزنا بها ديننا الحنيف فيخرج من إطار الطاعة والقرب إلى إطار يجعله يتعامل مع الناس بسلوكيات سلبية بحجة أنه صائم فتجده تارة يتأخر ويتكاسل في أداء عمله وواجباته اليومية، أو يقصر في قضاء حاجة زوجته وأهله وأولاده، وربما يقضي أغلب نهاره بالنوم والسبات وأكثر ليله بالسهر والملذات، ويقضي معظم وقته في الأسواق والجمعيات، ويجلس ربما بالساعات لمشاهدة البرامج والمسلسلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ويملأ الموائد كلها بأصناف المأكولات والحلويات، ولو أخطأ أحدهم في حقه ولو من غير قصد سال عليه بالكلمات البذيئة والشتمات وكل ذلك بحجة أنه اليوم صائم، ومرهق كثيرا من الصيام.
ألم يتذكر هذا الصائم أن الصيام جنة، والصدقة برهان، أم نسي أن الله عز وجل يبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، أم لم يتذكر إن سابه أحد أو شاتمه أن يقول إني صائم، وأن الصيام لله وحده، وهو يجزي به الأجر الجزيل والثواب الجميل، فتذكر جميع إيجابيات ومزايا هذا الشهر الكريم واجعل البشاشة والتبسم والعمل الدؤوب والهمة العالية هي المسيطرة عليك وعلى نفسك الطيبة، ودع الكسل والغضب وإضاعة الوقت وكن دائما مختلفا عن الناس جميعا في أقوالك وأفعالك فإن هذا الشهر مختلف في عطاياه ومزاياه وفي رحماته وبركاته وكراماته عن باقي الأشهر والأزمان، ولو تخيل الواحد منا أنه لو حدد له وقت معين وفي يوم محدد لتوقيع صفقة العمر فكيف سيكون حاله في يومها فكيف ونحن اليوم وفي هذا الشهر أمام صفقة الرحمن ونحن في سباق نحو الجنان، ولا تنس بكل تأكيد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا وأن الله قد أحاط بكل شيء علما.