هو أُبيّ بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح.
وهو من صناديد قريش الذين كانوا يحاولون الوقوف في وجه الدعوة النبوية. وكان شديد الجدال والمراء مشى مرة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم بال قد ارفت، فقال: يا محمد، أنت تزعم ان الله يبعث هذا بعدما أرمّ؟ ثم فتّه في يده، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا، ثم يدخلك الله النار». فأنزل الله تعالى فيه (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يُحيي العظام وهي رميم. قُل يُحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون). يس: 78 – 80.
وكان يُبغض النبي كثيرا، فهو الذي أمر عقبة بن أبي معيط أن يبصق في وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن اسحاق: كان أُبيّ بن خلف، كما حدثني صالح بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فيقول: يا محمد إن عندي العوذ، فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أنا أقتلك إن شاء الله». قال: فلما كانت غزوة أحد، أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أُبيّ بن خلف وهو يقول: أي محمد، لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منّا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه» فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، يقول بعض القوم فيما ذُكر لي: فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها – قال ابن هشام: الشعراء ذباب له لدغ – ثم استقبله فطعنه في عُنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.
قال ابن هشام: (تدأدأ) يقول: تقلّب عن فرسه فجعل يتدحرج.
فلما رجع الى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير، فاحتقن الدم، فقال أُبيّ بن خلف: قتلني والله محمد! قالوا له: ذهب والله فؤادك! والله إن بك من بأس، قال: إنه قد كان قال لي بمكة: «أنا أقتلك». فوالله لو بصق عليّ لقتلني. فمات عدوّ الله بسرف وهم قافلون به الى مكة.
شعر حسان في مقتل أُبيّ بن خلف:
قال ابن اسحاق: فقال حسّان بن ثابت في ذلك:
لقد ورث الضلالة عن أبيه أبي يوم بارزه الرسول
أتيت إليه تحمل رمّ عظمٍ وتوعده وأنت به جهول
وقد قتلت بنو النجّار منكم أُميّة إذ يغوّث يا عقيل
وتبّ ابنا ربيعة إذ أطاعا أبا جهلٍ لأمّهما الهبول
وأفلت حارثٌ لما شغلنا بأسر القوم أسرته قليل
قال ابن هشام: أسرته: قبيلته.
وقال حسّان بن ثابت أيضا في ذلك: (من الوافر)
ألا من مُبلغٌ عنّي أُبيّا لقد أُلقيت في سُحق السعير
تمنّى بالضلالة من بعيدٍ وتقسم أن قدرت مع النذور
تمنيك الأماني من بعيدٍ وقول الكُفر يرجع في غرور
فقد لاقتك طعنة ذي حفاظٍ كريم البيت ليس بذي فجور
له فضلٌ على الأحياء طُرّاً ذا نابت مُلمّات الأمور