هي معلمة الرجال، الصديقة بنت الصديق، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنت ابي بكر عبدالله بن ابي قحافة عثمان بن عامر، القرشية التيمية، المكية ام المؤمنين، زوجة سيد ولد آدم واحب نسائه اليه، وابنة احب الرجال اليه المبرأة من فوق سبح سموات.
تتلمذت وتخرجت في مدرسة النبوة، فقد تولاها في طفولتها شيخ المسلمين ابوها الصديق، ورعاها في شبابها نبي البشرية ومعلمها.
وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها بأمر من الله عز وجل بعد وفاة خديجة رضي الله عنها فتزوج بها وبسودة بنت زمعة رضي الله عنهما في وقت واحد، ولكنه دخل بسودة وتفرد بها ثلاثة اعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر، وانتقلت العروس الصغيرة إلى بيت النبوة، الذي كان عبارة عن حجرة من الحجرات شيدت حول المسجد من اللبن وسعف النخيل، وقد وضع فيه فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الارض الا الحصير وعلى فتحة الباب اسدل ستار من الشعر.
حبه صلى الله عليه وسلم لها: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: يا رسول الله، اي الناس احب اليك؟ قال: عائشة، قال: من الرجال؟ قال: أبوها.
وكانت خير زوجة صبرت مع الرسول الكريم على الفقر والجوع حتى كانت تمر الايام الطويلة وما يوقد في بيت رسول الله نار لخبز او طبيخ، وانما كانا يعيشان على الاسودين التمر والماء.
ولما اقبلت الدنيا على المسلمين اتيت مرة بمائة الف درهم وكانت صائمة ففرقتها كلها، وليس في بيتها شيء، فقالت لها مولاتها: اما استطعت ان تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ قالت: لو كنت ذكرتيني لفعلت.
فكانت مرجع الرجال في تلقي العلم والبلاغة ومرجعا لهم في الحديث والسنة والفقه، فقال الزهري: «لو جمع علم عائشة الى علم جميع النساء، لكان علم عائشة افضل».
وقال هشام بن عروة عن ابيه قال: «لقد صحبت عائشة، فما رأيت احدا قط كان اعلم بآية انزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا بشعر، ولا أروى له، ولا بيوم من ايام العرب، ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها فقلت لها: يا خالة الطب من اين علمته؟، فقالت: كنت امرض فينعت لي الشيء، ويمرض المريض فينعت له، واسمع الناس بعضهم لبعض فأحفظه».
وعن مسروق قال: قلنا له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: «والله لقد رأيت اصحاب محمد الاكابر يسألونها عن الفرائض ومع هذا كله كانت رضي الله عنها تغار، بل من اشد نساء النبي صلى الله عليه وسلم غيرة عليه، وهذه من طبيعة المرأة، ولكن غيرتها مقبولة مهذبة لم تصل الى حد التسويغ لها بإيذاء الضرائر».
فعندما مرض رسول الله بعد عودته من حجة الوداع كان يقول وهو يطوف على نسائه متسائلا: اين انا غدا؟، اين انا بعد غد؟، استبطاء ليوم عائشة، فطابت نفوس بقية امهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا: بأن يمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث احب، وقلن جميعا: يا رسول الله قد وهبنا ايامنا لعائشة.
وانتقل حبيب الله الى نبت الحبيبة، فسهرت تمرضه، فداك ابي وامي يا رسول الله، وحانت لحظة الرحيل ورأسه الشريف على حجرها.