سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت قد خافت ان يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم لكبر كان بها، فوهبت يومها لعائشة ترضيا لرسول الله، فأنزل الله الآية (وان امرأة خافت... الآية) ولكن من سودة؟ وما قصتها؟
كانت سودة متزوجة من ابن عمها السكران بن عمرو الذي اسلم وهاجرت معه وذات يوم قالت له يا ابن العم، لقد رأيت الليلة في منامي كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وطئ عنقي ـ فما تفسير ذلك يا ترى؟ فقال زوجها: ان صدقت رؤياك يا سودة، فسوف اموت انا ويتزوجك رسول الله صلى الله عليه وسلم!
دهشت سودة ومرت الايام، وكرت الشهور ودار الحول، وتوفي السكران ابن عمرو زوج سودة وماتت خديجة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحزن رسول الله حزنا شديدا على خديجة، ففكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ان يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجد ما يسلي وحدته، وسارت اليه خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون احد الذين هاجروا الى الحبشة، وأحد الذين عادوا منها، ودخلوا فيمن دخل مكة، وقالت خولة: يا رسول الله، كأني أراك قد دخلتك خلة، لفقد خديجة.
قال صلى الله عليه وسلم: اجل، كانت ام العيال، وربة البيت.
قالت خولة: يا رسول الله لم لا تتزوج من تعوضك عن خديجة بعض حنوها وعطفها.
سأل الرسول خولة: ومن تعنين يا أم حكيم.
قالت: ان شئت بكرا، وان شئت ثيبا.
وسأل عليه السلام: فمن البكر؟
قالت خولة: احق خلق الله بك عائشة بنت ابي بكر.
وسأل عليه السلام: ومن الثيب؟
قالت خولة: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك، واتبعتك على ما تقول، وقد مات عنها زوجها بعد ان عاد من هجرة الحبشة.
فقال عليه السلام: اذهبي فاذكريها علي.
وذهبت خولة الى سودة في دار ابيها فدخلت عليها تقول: ماذا ادخل الله عليك من الخير والبركة؟ فاستعجبت سودة من قول خولة وحالتها.. وما ذاك؟
قالت خولة: ارسلني رسول الله لاخطبك عليه.
وخطر على بال سودة ما كان يقوله لها زوجها السكران من تفسير رؤياها التي كانت تقصها عليه ـ وقالت سودة على الفور: وددت ذلك اذهبي لابي فاذكري ذلك له.
فدخلت خولة على زمعة بن قيس، وكان شيخا كبيرا فألقت عليه بالتحية، فقال: من هذه؟
قالت: خولة بنت حكيم.
قال: فما شأنك؟
قالت: أرسلني محمد بن عبدالله اخطب عليه سودة.
قال: كفء كريم فما تقول صاحبتك (يعني ابنته سودة).
قالت خولة: تحب ذلك.
قال: ادعها لي.
فلما دعتها خولة جاءت الى ابيها على استحياء، سأل زمعة ابنة سودة اي بنية، ان هذه (يعني خولة) تزعم ان محمد بن عبدالله ارسل يخطبك، وهو كفء كريم، اتجدين ان ازوجك منه؟
قالت سودة: نعم.
فقال زمعة لخولة: اذهبي لمحمد فادعيه لي فدعت خولة محمدا صلى الله عليه وسلم الى بيت زمعة فعقد له على ابنته، وزفت سودة للنبي صلى الله عليه وسلم.
ودخلت سودة الى داره صلى الله عليه وسلم، دخلت وهي تعلم علم اليقين انها لن تملأ في داره صلى الله عليه وسلم شيئا من مكان خديجة رضي الله عنها، ولكنها دخلت وهي تود من صميم قلبها ان تعمل كل ما في وسعها لخدمته صلى الله عليه وسلم والسهر على راحته، وهي كذلك تريد ان تعمل كل ما في وسعها لرعاية بناته، فيكفيها انها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.