هذه قصة من القصص التي اشتهرت بين البادية في زمن بعيد، كان هناك رجل من اهل البادية متزوج من امرأة ليست من القبيلة التي ينتمي إليها كحال كثير من القبائل وكانت هاتان القبيلتان متجاورتين. وفي يوم من الأيام اختلفت القبيلتان وحصل بينهما نزاع كان زوجها طرفا فيه.
وكان إخوتها من الجهة المقابلة أطرافا في هذا النزاع واشتدت الأزمة بين الطرفين مما حدا إخوان الزوجة على أن يأخذوا زوجته ليلا من البيت دون علم زوجها وهي لم تكن راضية بفراقها لزوجها وكذلك زوجها الذي كان يحبها أيضا. ومرت فترة طويلة على فراق الزوجين وكل منهما كان يريد الآخر ولكن النزاع الحاصل حال بينهما.
ضاقت الأرض بالزوج فهو يريد زوجته ولا سبيل لوصوله إليها ففكر في طريقة أن يرسل إليها إحدى عجائز القبيلة تبلغها برغبته في لقائها ورسم لها خطة للقاء وبالفعل ذهبت العجوز للزوجة وأبلغتها بذلك فرحبت الزوجة بالفكرة، ولما كانت الليلة الموعودة حيث كان الوعد بينهما بعد غياب القمر حضر الزوج للمكان المتفق عليه بحيث لا يراه أحد ثم أخذ بالعواء كعواء الذئب ثلاث مرات متتالية عرفته الزوجة حيث كانت تعلم بالخطة سلفا وذهبت إليه، وجلس بعد طول الفراق يشكو كل منهما حاله للآخر حتى إذا ما جاء الفجر افترقا وعاد كل منهما لقبيلته.
مضى على هذا اللقاء أشهر ويشاء الله سبحانه أن تحمل المرأة من زوجها نتيجة لذلك اللقاء وتكبر بطنها فيكتشف أمرها شقيقها ويهددها بالقتل حيث إنها فارقت زوجها منذ فترة طويلة ولم تكن حاملا فأبلغت شقيقها بحقيقة هذا اللقاء وما حصل بينها وبين زوجها ووصفت له المكان وأعلمته بكل ما جرى فقال الأخ سأذهب أنا لزوجك وأتأكد حقيقة ما حصل فإن لم يكن صحيحا فليس لك عندي غير السيف ولم تكن القبيلتان على وفاق فكيف يذهب، فكر الأخ واهتدى إلى طريقة فلما أقبل الليل تنكر وذهب الى قبيلة زوج أخته ودخل مجلسه وجلس ولم يعرفه أحد ولما سكت المجلس تناول الربابة وأخذ يغني عليها يقول:
يا ذيب يللي تالي الليل عويت
ثلاث عوياتن على ساق وصلاب
سايلك بلله عقبها ويش سويت
يوم الثريا روست والقمر غاب
غنى هذه الأبيات على الربابة ثم توقف ووضع الربابة مكانها وعاد الى مكانه فعرف الزوج أن هذا هو شقيق زوجته وعلم بالأمر وفهم أن زوجته حامل. فتقدم وتناول الربابة وأجاب:
أنا شهد أني عقب جوعي تعشيت
وأخذت شاة الذيب من بين الأطناب
على النقا وإلا الردى ما تهقويت
ودو حلالي ياعريبين الأنساب
فلما فرغ الزوج من أبياته فهم الأخ أن رواية أخته كانت صحيحة وانسحب دون كلام وفي الصباح أعادوا له زوجته.