- أوضح لـ «الأنباء» أن كتاب «ابن التركماني» من الكتب النادرة والمهمة في تخريج أحاديث الفقه الحنفي
- كتاب «ابن التركماني» يبين لنا مدى معرفة العلماء بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ودقتهم في إثبات نسبتها له
من حفظ الله تعالى لدينه أن حفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهيأ لها علماء أفذاذا يعتنون بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم رواية ودراية، ويميزون الصحيح منها والضعيف، وكتاب «ابن التركماني» في عزو أحاديث كتاب الهداية وتخريجها ما هو إلا دليل على شدة عنايتهم بها، هذا ما أكده الداعية نايف عبيد العجمي في لقائه مع «الأنباء». وأوصى العجمي في نهاية رسالته التي حملت عنوان «كتاب عزو أحاديث الهداية وتخريجها لابن التركماني... دراسة وتحقيق 172 رواية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب الأذان من كتاب الصلاة» كلية الشريعة بمتابعة نهجها في تحقيق التراث الإسلامي واهتمامها بإخراج المخطوطات للعلماء وطلبة العلم، مبينا أنها كنز عظيم من كنوز السلف. وأوضح العجمي أن رسالته كانت لنيل درجة الماجستير في الحديث الشريف وعلومه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الكويت، وهي عبارة عن دراسة 172 رواية من كتاب عزو أحاديث الهداية وتخريجها، مشيرا إلى أن هذا الكتاب هو في الفقه الحنفي، وابن التركماني حنفي أيضا، حيث قام بالتنبيه على من روى الأحاديث الواقعة في هذا الكتاب خدمة له، وأن جل هذه الروايات مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها بعض الروايات الموقوفة على الصحابة، وفيها أيضا بعض المقطوعات، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
في البداية حدثنا عن سبب اختيارك لهذا البحث ضمن متطلبات نيل درجة الماجستير؟
يعود اختياري للموضوع لأسباب عدة، منها مكانة المؤلف الحافظ علاء الدين ابن التركماني، ودوره في خدمة علوم الدين لاسيما علم الحديث، وقيمة الكتاب العلمية حيث عزا فيه مؤلفه الأحاديث إلى مخرجيها، ونبه على تصحيح بعض الأحاديث وتضعيفها، ومنها أيضا ندرة الكتب المطبوعة للمؤلف ابن التركماني رحمه الله.
ومن الأسباب أيضا حبي لعلم الحديث وما يتصل به من العلوم، إذ به يعرف الصحيح من السقيم، والغث من السمين، ويتميز به المقبول من المردود، والرغبة في المشاركة في خدمة التراث الإسلامي الذي خلفه لنا علماء الإسلام، وكذلك الرغبة في اكتساب الخبرة والحنكة في مجال تحقيق المخطوطات، لعلي استطيع أن أقوم ببعض الواجب من تحقيق المخطوطات الإسلامية ونشرها، وهذا الموضوع أيضا يعرف الباحث على كثير من مصادر الأحاديث والآثار، وأخيرا المساهمة في نشر علوم هذا الإمام الجليل الفذ ابن التركماني رحمه الله.
خطة البحث
ما خطة البحث التي اتبعتها في إعدادك للرسالة؟
قسمت البحث إلى قسمين، القسم الأول الدراسة، وفيه سبعة فصول، الفصل الأول ترجمة المصنف الإمام علاء الدين ابن التركماني، اسمه ومولده ونشأته وثناء العلماء عليه، وشيوخه وتلامذته وعقيدته ومذهبه، ومؤلفاته ووفاته، والفصل الثاني ترجمة الإمام المرغيناني صاحب كتاب الهداية، والفصل الثالث ترجمة الزيلعي صاحب كتاب نصب الراية، والفصل الرابع ذكرت فيه منهج المصنف في كتابه، وأما الفصل الخامس فذكرت فيه الصعوبات التي واجهتني، والفصل السادس الملاحظات على ابن التركماني، والفصل السابع والأخير هو دراسة عن المخطوط وإثبات نسبته للمؤلف ووصفه، وأما القسم الثاني فهو النص المحقق مع الخاتمة وأهم النتائج والتوصيات، بالإضافة إلى الفهارس.
ترجمة ابن التركماني
من المناسب أن تعرفنا بالإمام ابن التركماني، فمن هو؟
هو الإمام الحافظ علاء الدين قاضي قضاة مصر، علي بن عثمان بن إبراهيم المارديني الأصل الحنفي المذهب الشهير بابن التركماني المولود عام 683هـ، نشأ نشاة صالحة في أسرة مليئة بالعلم والعلماء، قال عنه ابن حجر «وكان كثير الافضال مع مشاركة في علم الحديث، واختصر كتاب ابن الصلاح اختصارا حسنا، وقال شيخنا العراقي إنه أوفى بمقصوده، ولا نعلم أحدا ساواه في ذلك»، ومن أشهر شيوخه الأبرقوهي، والدمياطي، وابن القيم، وابن الصواف وغيرهم كثير، ومن أشهر تلامذته الحافظ العراقي والقرشي، له تصانيف كثيرة من أشهرها «الجوهر الفرد في المناظرة بين النرجس والورد»، و«سعدية الأصول»، و«بهجة الأريب»، و«شرح الهداية»، وغيرها، وتوفي رحمه الله في عام 750هـ بالطاعون.
اذكر لنا بإيجاز العمل الذي قمت به في هذا البحث؟
عملي في البحث يتلخص في الآتي، أولا قراءة النسخة المخطوطة ونسخها وتصحيح ما جاء فيها من سقط أو تحريف بالرجوع إلى المصادر الأصلية، وعزو الآيات وترقيم الأحاديث، وتخريج الأحاديث من المصادر التي ذكرها ابن التركماني ثم تخريجها من المصادر الأخرى التي لم يذكرها، إذا كان في ذلك فائدة من إيضاح مشكل أو بيان مهمل أو متابعة أو غير ذلك من الفوائد المهمة كالتصريح بالسماع أو تحسين إسناد أو تصحيحه، أو ما شابه.
وشرح غريب الألفاظ والتعليق عند الحاجة، وإذا كان الحديث في الكتب الستة فإنني أكتفي بالعزو إليها ولا أزيد على ذلك إلا إذا كانت هناك فائدة، وإذا كان في الصحيحين أو في أحدهما فإنني أكتفي بتخريجه دون الكلام على سنده لتلقي الأمة لهما بالقبول، وأذكر العلماء الذين صححوا الحديث وكذلك الذين ضعفوه إن وجد، ولا أصحح حديثا لم يسبقني أحد من العلماء إلى تصحيحه، وأشير إلى ذلك غالبا، وإذا كان في الإسناد رجل ضعيف فإنني أضعف الحديث لأجله ولا أبحث في غيره من رجال الإسناد، ولا أقول إن الحديث ضعيف إلا إذا سبقني إليه أحد العلماء بتضعيف ذلك الحديث، وكذلك ذكرت درجة الحديث في أول تخريج الحديث حيث أقول «صحيح- ضعيف- حسن». وذلك تسهيلا على من قرأه ليقف على حكمه، وهذا هو الغالب إلا نادرا حيث لم أستطع الحكم عليه.
نتائج
ما أبرز النتائج التي خلصت إليها في نهاية إعدادك لهذه الرسالة؟
إن هذا الكتاب من الكتب المهمة في تخريج الأحاديث، حيث حوى معظم أحاديث الفقه وبالخصوص أحاديث المذهب الحنفي، وهو كتاب كبير ومهم في بابه، وكذلك فإن ابن التركماني من العلماء الأفذاذ الذين تكلموا في الأحاديث من حيث صحتها وضعفها وقبولها، وبيان عللها فهو بحق من الرواد لهذا الميدان، والأحاديث التي في الكتاب اختلفت درجتها من الصحة إلى الحسن ومنها الضعيف والضعيف جدا والموضوع.
وفي الكتاب أيضا الموقوفات على الصحابة، والمقطوعات على التابعين، وقد بينت ذلك كله في كل حديث بحسبه، وقد اعتمد المؤلف رحمه الله على مصادر كثيرة جدا، وبعض الأحاديث لم أقف ولم أجدها مما أدى إلى عدم حكمي عليها وهي قليلة جدا، أخيرا، يتبين لنا مدى معرفة العلماء بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومدى دقتهم في إثبات نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لاسيما الأحاديث التي تتعلق بالعبادات والمعاملات والفقه في العموم، فإنهم اعتنوا بها أشد العناية، وما هذا الكتاب إلا دليل على شدة عنايتهم بها.
العناية بالمخطوطات
في نهاية اللقاء، نريد منك ذكر التوصيات المهمة التي ظهرت لكم في نهاية عملكم؟
أوصي الجامعات والكليات الشرعية وطلاب الدراسات الإسلامية العليا بالاهتمام بالمخطوطات وإخراجها للناس والعناية بها، وتحقيقها فهي كنز عظيم تركه لنا السلف، فحري بنا الاهتمام بهذه المخطوطات والسعي في إبرازها للناس، والعناية بكتب التخاريج فإن فيها الكثير من الفوائد من بيان من أخرج الحديث من العلماء في كتبهم، وكذلك الحكم على الأحاديث وبيان صحتها من ضعفها وبيان عللها.
كما أوصي كلية الشريعة المباركة بمتابعة نهجها في تحقيق التراث الإسلامي وإخراجه للعلماء وطلاب العلم لكي يستفيد منه الجميع، وكذلك أوصي بإتمام هذا الكتاب إلى آخره لأن فيه فوائد جمة ونقولات عن علماء سابقين لم أجد كلا منهم في مكانه، وكذلك إحكام المصنف نفسه يدل على علمه الغزير، وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر المشرف على رسالتي د.مبارك سيف الهاجري عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت.