بقلم: مطلق خميس العازمي
إن من أجل النعم وأعظمها في الأمة الإسلامية نزول القرآن الذي تحدى به الله أهل الفصاحة والشعر، وحفظه في صدور الحفاظ وأهل العلم من التحريف والنقصان وجعله من آخر الأديان السماوية وبعث به نبيا من أنفسنا عربيا أمينا وصادقا ورسولا ونبيا للعالمين كافة بشيرا ونذيرا، ومن رحمة الله جعل في القرآن الكريم اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد مثل القراءات العشر المتواترة التي جعلها الله رحمة للأمة الإسلامية.
قال النبي: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه» وكذلك في حديث مسلم «أن جبريل عليه السلام قال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا»، ومن خلال هذه الأحاديث يتبين لنا أن القرآن أنزل بأوجه متعددة رحمة وتيسيرا للمسلمين، وكذلك لتسهيل القراءة على القبائل العربية في ذلك الوقت لما كانت لغات العرب تختلف من قبيلة إلى قبيلة في كيفية النطق بالأحرف العربية، والإمالات كما في قراءة حمزة والكسائي وخلف العاشر، وترقيق حرف الراء كما في رواية ورش عن نافع، وتحقيق الهمزات كما في باقي القراءات منها روايتنا المشهورة وهي حفص عن عاصم، فلذلك رخص لهم القراءة بالأحرف السبعة لتوافق لهجاتهم وتكون سهلة عليهم، ومن أفضل النعم علينا ومن رحمة الله عز وجل أن بعث النبي إلى العرب وأنزل القرآن بلغة العرب، ومن تيسيره أيضا أن القرآن نزل بالأحرف السبعة لتسهيل القراءة على القبائل متعددة اللهجات، ولهذا كان النبي يقرئ الصحابة القرآن حسب لهجاتهم التي درجوا عليها وكما قال الله عز وجل (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
أيها الأخ الكريم لما ذكرت تلك الأحاديث والآيات القرآنية التي تنص على تنوع القراءات، إنما كان لي هدف من هذا وهو أن هذه القراءات القرآنية وهي القراءات العشر المتواترة التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم لاتزال متواترة إلى يومنا هذا، ولله الحمد محفوظة في صدور حفاظنا ومشايخنا وهم موجودون بيننا وفي الأمصار الإسلامية، لذا شاع في الآونة الأخيرة تنوع القراءات منها رواية ورش عن نافع وشعبة عن عاصم في كثير من أشرطة الكاسيت، والقراءة بها في بعض مساجد الكويت وهذا من فضل الله ورحمته ولذلك لا ينبغي علينا أن نستمر في قراءة واحدة بل يفضل لو نوعنا القراءة وشجعنا الحفاظ والأئمة على تلاوتها للمصلين، وتسجيلها في إذاعة القرآن الكريم حتى تصبح القراءة مشهورة مثل رواية حفص، فوالله قد وجدت أناسا يستمتعون بالسماع إلى قراءات أخرى مثل قراءة ورش، ويشجعون الإمام على الاستمرار بقراءتها نظرا لجمال ما فيها من أحكام وترقيق وإمالات، فهذه من إحدى إيجابياتها، أما السلبيات فتكاد تكون معدومة وذلك لأسباب كثيرة منها أن الشخص الذي أمامك قد لا يفقه من القرآن شيئا، أقصد بذلك لا يكون حافظا للقرآن حتى ولو جزءا منه، أو لأن القراءة ربما تكون قد وافقت لغتنا أو لهجتنا وهنا لا ينتبه لها المستمع أو المصلي فبالتالي لا يستنكرها، أخيرا أود أن أنبه بما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزلت عليه تلك القراءات العشر وقرأ بها كل حسب لغته في تلك الفترة فمن باب أولى أن نحيي تلك القراءات ونعلمها في المعاهد القرآنية، وإلا قد يكون مصيرها الانقطاع وعدم التواتر ودراستها في الكتب فقط، وهذا ما لم ولن يحدث بإذن الله.