-
الإيمان بالرسل من أصول العقيدة و الكفر بأحدهم كفر بهم جميعاً
أكد الداعية عثمان محمد الخميس أن قصص الأنبياء في القرآن الكريم والسنة النبوية عبارة عن وقائع تاريخية حقيقية، ومن علوم الغيب التي اختصها الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا مجال للخيال فيها، محذرا من الحديث في الغيبيات دون علم أو تثبت، ومستذكرا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» وأضاف الخميس أن في دراسة قصص الأنبياء فوائد وعبرا كثيرة، منها التسلية للدعاة والمصلحين فيما يواجهون من تكذيب أقوامهم، ومعرفة أساليب الدعوة وطرقها، وردود فعل المدعوين عادة، لأنها متشابهة في كل زمان ومكان، كما أنها تعلم الإنسان الصبر على الشدائد، والاقتداء بالأنبياء عليهم السلام، وفيها أيضا زيادة الإيمان، فإذا علم الإنسان أن الله تبارك وتعالى دائما يجعل الغلبة والنصر في نهاية الأمر لعباده المرسلين، (وإن جندنا لهم الغالبون)، فتطمئن نفس الداعية إلى وعد الله تبارك وتعالى وأن الله مظهر أمره، وناصر رسله والدعاة إليه. «الأنباء» التقت الداعية عثمان الخميس لتناقشه حول مؤلفه الجديد في قصص الأنبياء، والذي حمل عنوان «فبهداهم اقتده ـ قراءة تأصيلية في سير وقصص الأنبياء عليهم السلام»،
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
ما المنهج الذي سرتم عليه في تأليف كتابكم «فبهداهم اقتده» في قصص الأنبياء؟
التزمت في قصص الأنبياء ما ثبت في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأن قصص الأنبياء غيب، والكلام في الغيب لا يكون إلا عن طريق من عرف هذا الغيب، وهو تبارك وتعالى، الحي الذي لا يموت، وهي الذي أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما كان في قصص سلفه من الأنبياء والمرسلين، وهذه ميزة ثابتة لأهل السنة والجماعة، وهو اعتمادهم على الإسناد الصحيح، فلا يقبلون إلا ما ثبت، ولا يتكلمون إلا بعلم، لا رجما بالغيب، وهم يتمثلون دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»، ومن المعلوم أيضا أن القصة في القرآن الكريم لا مجال للخيال فيها، بل هي وقائع تاريخية شاهدة على التاريخ، وهي كما قال تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص)، وذكرت في الكتاب قرابة 20 نبيا، من الذين وردت تفاصيل قصصهم في القرآن والسنة، ورفقت في نهايته فهرسا للفوائد، وفهرسا للمواضيع لحصول الفائدة وسهولة البحث للقارئ.
فوائد قراءة قصص القرآن
لكن ما فوائد دراسة قصص الأنبياء عموما؟
إن في دراسة قصص الأنبياء فوائد كثيرة، منها:
أولا: الاستفادة من الدروس والعبر، كما قال تعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)،
ثانيا: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، كما قال تعالى (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك)،
ثالثا: معرفة أساليب الدعوة، فالداعية إلى الله عز وجل يستفيد منها كثيرا في معرفة أساليب الدعوة وطرقها، وردود فعل المدعوين عادة، لأنها متشابهة في كل زمان ومكان، وإن اختلفت ففي أشياء يسيرة.
رابعا: يتعلم الإنسان الصبر على الشدائد، والإقتداء بالأنبياء عليهم السلام، كما قال تعالى (فبهداهم اقتده)،
خامسا: زيادة الإيمان: فإذا علم الإنسان أن الله تبارك وتعالى دائما يجعل الغلبة والنصر في نهاية الأمر لعباده المرسلين، «وإن جندنا لهم الغالبون»، فتطمئن نفس الداعية إلى الله تبارك وتعالى في أن الله تبارك وتعالى مظهر أمره، وناصر رسله والدعاة إليه سبحانه وتعالى.
سادسا: تأكيد لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بإخباره عن أمور غيبية لم يحضرها، ويخبر بها كأنه حاضر لها، قال تعالى (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون)، ومع هذا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمور الغيبية بالتفاصيل الدقيقة.
سابعا: معرفة كمال الشريعة، فيعرف العبد كمال هذه الشريعة التي ختم الله بها الشرائع السابقة في نسخ الأحكام التي وردت في الشرائع السابقة بعضها أو كلها،
ثامنا: بيان أن دعوة الأنبياء واحدة، فيعرف العبد صدق قول النبي صلى الله عليه وسلم عن إخوانه الأنبياء أنهم أبناء علات أبوهم واحد وأمهاتهم شتى، وذلك أن جميع الأنبياء دعوتهم واحدة، وهي الدعوة إلى عبادة الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له.
لا نفرق بين أحد منهم
ما أهمية الإيمان بالرسل ومنزلته في الإسلام؟
الإيمان بالرسل أصل من أصول هذا الدين العظيم، ولذلك لما جاء جبريل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخرة والقدر خيره وشره»، لا يقبل الله إيمان أحد حتى يؤمن برسله جميعا، ومن كفر برسول واحد فقد كفر بجميع الرسل لأنهم وحدة واحدة، قال تعالى (كذبت قوم نوح المرسلين) مع أن نوح أول رسول أرسله الله.
124 ألف نبي
كم عدد أنبياء الله ورسله؟
الرسل الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم 25، وهناك آخرون مختلف فيهم أو جاءوا في السنة، كنبي الله شيث ويوشع وشمويل وتبّع والخضر ودانيال، وأما عددهم الإجمالي فكبير، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد المرسلين فقال «جم غفير، ثلاثمئة وبضعة عشر»، وسأله عن عدد الأنبياء فقال «مئة وأربعة وعشرون ألف نبي»، فالعدد إذن كبير جدا، ويكفينا قول الله عز وجل (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير).
من الرجال
ما الحكمة من كون جميع الأنبياء من البشر ومن الرجال؟
كون الرسل من البشر لاشك ان حكمته ظاهرة جدا، حتى يتمكن العباد من الأخذ منهم، والاقتداء بهم، فلو جعل الرسول ملكا لما كان يمكنهم أصلا أن يحادثوه أو يكلموه، كيف والنبي صلى الله عليه وسلم لما راى جبريل على صورته الحقيقية صرع صلى الله عليه وسلم، وكان لجبريل 600 جناح في الأفق، فكيف يتحمل الناس رؤية الملائكة ويجلسون معهم؟ لا يستطيعون أبدا.
وكون الرسل من الذكور لحكم ظاهرة، أولها أن الرسول يحتاج إلى أن يقابل الناس سرا وجهرا، وأن يخرج ويسافر في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وهذا لا تتمكن منه النساء، وثانيا الأصل أن القوامة للرجل على المرأة فلو كانت نبية ستكون القوامة لزوجها عليها، ولا يمكن لأحد قوامة على نبي، وثالثا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن النساء «ناقصات دين»، وذلك أنه يأتي عليها أيام لا تصلي، ولا تصوم، وتنقص من عبادتها، وهذا لا يمكن أن يكون في أنبياء الله عليهم السلام، فلذلك كان من الحكمة جعل الرسل كلهم من الرجال.
الغلو
هل تذكر لنا جانبا من صور الغلو الذي وقع به الناس في حق الأنبياء والرسل؟
من صور الغلو ما وقع للنصارى من تأليه عيسى عليه السلام، ودعاء اليهود أن عزيرا ابن الله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، ولكن قولوا عبدالله ورسوله»، ومن صور الغلو المعاصرة في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما نراه في بعض المساجد أو في البيوت أنهم يضعون اسم محمد صلى الله عليه وسلم بجانب اسم الله عز وجل، ومن صور الغلو أيضا الادعاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له ظل، لماذا؟ حتى لا يطأ أحد ظل النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته وشج وجهه وألقي سلا البعير بين كتفيه وأدميت قدماه في سبيل الله.
ومن الغلو القول «الله ورسوله أعلم» في غير الأمور الشرعية، فالرسول يعلم جميع أمور الشرع لكن لا يعلم ما سواه من الغيب، ومن الغلو كذلك دعاء الأنبياء من دون الله تبارك وتعالى، كما قال تعالى «فلا تدع مع الله إلها أخر فتكون من المعذبين».
إهداء للوالدين
هل من كلمة تود قولها في ختام اللقاء؟
أهدي كتابي هذا إلى من أوصاني الله بهما، وأمرني ببرهما لما لهما علي من حقوق، وأعلم يقينا أني مهما فعلت فلن أوفيهما حقهما، ولكن هذا جهد المقل، استجابة لأمر الله تبارك وتعالى (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، راجيا من كل من يقرأ كتابي هذا ألا ينساهما من الدعاء بالمغفرة والرحمة.