ريبيري:
لم أغير ديني إذ لم أُعمَّد في طفولتي.. وسعيد بالصيام وأداء مناسك العمرة وأسعى للحج
أحمد حسين
انـه دينامـو كـرة القـدم الفرنسيـة الجديد انه اللاعب الذي يملك ساقين من ذهب وقلب أسد انه النسخة المعدلة للنجم الفرنسي فرانك ريبيري (بلال) بعدما أعلن إسلامه، انه الأمل الكبير للديوك الزرقاء في خلافة زيدان وبلاتيني، والمستقبل الباهر الذي ينتظر الكرة الفرنسية، ومن دون مقدمات أو سابق إنذار خطف ريبيري الأضواء في السنـوات
الـ 3 الماضية وبات النجم الفرنسي الأول وتفوق على نجوم كبار من أمثال تييري هنري وباتريك فييرا ودافيد تريزيغيه، وذلك بعدما قدم عروضا قوية خلال مونديال ألمانيا وظهر بدور المنقذ الذي قاد الفريق للتأهل إلي الدور نصف النهائي قبل الخسارة أمام إيطاليا في المباراة النهائية واختلفت الآراء حول ريبيري، إلا أنها في النهاية اتفقت على أنه موهبة كروية نادرة قد تكون الأمل الجديد للكرة الفرنسية في المزيد من الانتصارات والألقاب على الطريقة «الزيدانية» واتفق الجميع على موهبة ريبيري إلا أنهم لم يعرفوا ان إسلامه كان سر التحول الخطير في حياته الكروية من لاعب مجهول إلى نجم ساطع في سماء الكرة الفرنسية لا يعرف الكثير الوصول إليه أو حتى الاقتراب منه أو مجاراته في الملعب، أو في روحه الرياضية التي اكتسبها من خلال تعلمه لتقاليد وتعاليم الإسلام، وشدد الفتى الذهبي للكرة الفرنسية في أكثر من مناسبة على ان إسلامه هو مصدر قوته داخل الملعب وخارجه، مؤكدا انه الآن يمارس حياة مختلفة من خلال سعيه الدائم للتعرف المستمر على تعاليم وقيم الدين الإسلامي وسعيه دائما للحصول على راحة البال ويعتبر ريبيري الذي تضع عليه جماهير الكرة الفرنسية آمالا كبيرة في مونديال 2010، ان التزامه الديني وزوجته الجزائرية الاصل «وهيبة» ساعداه في التقدم في كل المجالات خاصة كرة القدم، مشددا على انه منذ ان اشهر إسلامه عام 2004 قويت عزيمته لتحقيق المزيد من التقدم في مجال الالتزام بالإسلام أو الإنجازات داخل الملعب حتى يكون أحد اللاعبين الكبار في فرنسا والعالم. ويعترف النجم الفرنسي ان لديه أهدافا عدة في حياته يتمنى تحقيقها، أولها الفوز بمسابقة كبرى مثل دوري الأبطال الأوروبي، إضافة الى لقب كبير مع المنتخب الفرنسي، حيث تأخر في الظهور على الساحة الدولية.
وريبيري مسلم مثله في ذلك مثل زندين زيدان، وإسلامه مصدر فخر كبير بالنسبة له وكذلك للجالية العربية المسلمة في فرنسا، وذلك بعدما سرق الأضواء في كل مباريات منتخب فرنسا او مع الأندية الفرنسية والتركية والألمانية التي لعب في صفوفها حيث يرفع يديه شاكرا لله مثلما يفعل أي مسلم، واعتبر المسلمون في فرنسا وقتها أن تضرع ريبيري علامة العز والفخر لهم جميعا كون معظمهم جاءوا من أصول عربية مسلمة.
أداء العمرة
ومن جانبه، أكد ريبيري انه ملتزم بأداء الفروض الخمسة للدين الإسلامي حيث يصلي بالتزام ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة ويسعى لأداء فريضة الحج في السنوات المقبلة. وعن صيامه أوضح ريبيري انه يصوم أحيانا دون علم مدربه تجنبا للحصول على غرامات مالية.
وقال انه كان ومازال يستمتع بصوم شهر رمضان مع لاعبي المنتخب الفرنسي المسلمين أمثال أبيدال وأنيلكا، كما كان سابقا يصوم مع زيدان ويفطر معه على طاولة واحدة مخصصة للمسلمين وخالية من كل أشكال المأكولات والمشروبات المحرمة.
من جهة أخرى عرج ريبيري في حواره إلى الزيارة التي قادته إلى مكة المكرمة في المرحلة الشتوية الماضية عندما سافر فريقه بايرن إلى السعودية، واستغل ريبيري هذه الزيارة لأداء مناسك العمرة، وفي هذا الخصوص كشف أنه شعر بأركانه تهتز ولم يستطع السيطرة على جوارحه من فضل تلك الطمأنينة الربانية، الأمر الذي جعله يفكر في أداء مناسك الحج قريبا. وكان نادي بايرن ميونيخ قد ذكر في موقعه على شبكة الانترنت مطلع العام الحالي ان ريبيري قام بتأدية مناسك العمرة في مكة خلال الزيارة القصيرة التي قام بها الفريق الى السعودية. وقد توجه ريبيري بعد المباراة الودية التي تغلب فيها بايرن ميونيخ على فريق الوحدة السعودي 3 ـ 1 في جدة مع زميله لاعب الوسط الدولي التركي حميد التينتوب الى مدينة مكة المكرمة التي تبعد مسافة 70 كلم لتأدية مناسك العمرة. وكان ريبيري اعتنق الإسلام عام 2004 واختار لنفسه اسم بلال.
قصة إسلامه
في عام 2004 اعتنق ريبيري الإسلام عن طريق زوجته الجزائرية وهيبة بلعامي التي ارتبط بها آنذاك وتعرف عليها في مدينة ليل الفرنسية وتزوجها عقب اسلامه، وانجب منها طفلة في عام 2005 تدعى (حزية) ويؤكد ريبيري انه بكى مرتين منذ أن رزق بها، الأولى عندما رأت النور، والثانية عندما نطقت بكلمة «بابا». وقال ريبيري في حديث لمجلة «باري ماتش» إنه لم يغير دينه، لأنه لم يكن قد تعمد عمادا مسيحيا. وأضاف ان الإسلام هو الدين الذي اختاره بنفسه. وفي تصريحات اخرى لجريدة ليكيب الفرنسية قال: «تعرفت على الإسلام عن طريق زوجتي وهيبة، لقد كانت هي من دلني عليه وقادني إليه، حينها أدركت أن تغيير عقيدتي أمر حتمي لا مفر منه. لقد ساعدني الإسلام في كثير من اللحظات الصعبة أن أجد السكينة والهدوء الداخلي. إنني أصلي قبل كل مباراة».
وعن قصة اسلامه أكد النجم الفرنسي انه أعجب كثيرا بـ «وهيبة» وحاول التقرب منها إلا انها رفضت لكونه غير مسلم وأرشدته للإسلام قبل الارتباط بها، وبالفعل بدأ في دراسة شرائع الدين وعرف طريق المساجد التي كانت بمنزلة طريق الهداية للنجم الشاب. وساعده خلالها رجل دين يدعى عزام تعرف عليه أثناء تردده على المساجد وعندما كشف عزام الهوية الحقيقية للنجم الفرنسي طلب منه عدم التزام الصمت التام وعدم الحديث لرواد المسجد عنه او أصدقائه وتولى عزام تعريفه بالدين الإسلامي ومن هنا علم النجم الفرنسي بسر رفض وهيبة الحديث معه فقرر التمعن أكثر في دراسة الإسلام وأشهر إسلامه بعد 3 اشهر من تعرفه على الدين وبعدها تزوج وهيبة وسافر معها الى بلدها للتعرف اكثر على عائلتها وليعيش وسط الدفء الأسري الذي افتقده.
طفولة فقيرة
فرانك ريبيري المولود في السابع من أبريل عام 1983 في مدينة بولون الفرنسية، صاحب الندبة الطويلة يحلو للأعداء تسميته فرانكشتاين، كما أن مشجعيه ومحبيه يلقبونه بنفس لقب زعيم المافيا الشهير آل كابوني (الوجه المفزع). أما هو فيقول عن ندبته: لقد كان حادث سيارة في طفولتي، لقد طرت وقتها من خلال زجاج الحماية ومن الغريب حقا انني لم أصب إصابة بالغة أو حدث ما هو أسوأ، لقد ساعدني هذا الحادث إلى حد ما في طفولتي واعطاني حافزا (يذكر ان ريبيري يرفض إجراء أي عملية تجميلية لأنه تعود على شكله وعلى نظرات الآخرين الفزعين من جروحه). وفي التسعينيات عاشت أسرته شمال فرنسا في مدينة بولون في مستوطنة بلغ تعداد سكانها 12 ألفا وتجاوزت نسبة البطالة فيها حاجز الـ 60%. فرانك يصف وضعه آنذاك: «لقد كنت محاربا ومكافحا، وحتى عندما كان الأمر يتعلق بالحرب من أجل لا شيء كان لابد أن أحصل على هذا اللاشيء».
عندما كان في عمر 10 أعوام كان بإمكانه المحافظة على الكرة في الهواء وركلها بقدمه أكثر من 400 مرة، في الثالثة عشرة التحق بمدرسة داخلية في مدينة ليل لتعلم الحرف ولكنه وبسبب بعض المشاكل اضطر إلى ترك هذا المركز التعليمي والعودة إلى منزل والديه في بولون، حينها بدا وكأنه سيصبح عامل بناء عادي. في نادي مدينة بولون الذي التحق به لم يكن أحد يعيره أي اهتمام ولم يكن ثمة من يعتقد أن بإمكانه أن يفعل الكثير، ومرتبه لم يتجاوز الـ 150 يورو شهريا ولذلك اتجه صوب مدينة أليس جنوب فرنسا ولعب في ناديها في الدرجة الثالثة وبدا له بصيص من الأمل ولكن الأمر لم يستمر لفترة طويلة إذ سرعان ما عجز النادي عن دفع رواتب موظفيه، كما أن ريبيري نفسه لم يتمكن من المواصلة في المدينة بسبب عجزه عن مواصلة تحمل ايجار السكن الذي كان يسكن فيه ومن ثم عاد خائبا إلى مدينة والديه بولون وبدأ مرة أخرى بشكل واضح أنه لن يمتهن سوى البناء. في خضم هذه الدوامة وفي ظل البطالة التي كان يعاني منها وقعت عليه عينا الوكيل الكاميروني جون بيكو. ويتذكر جون ويقول: «فرانك كان ذا سمعة سيئة، لقد كان نموذجا للشخص الذي لا يمكنه فعل أبعد ما هو من التسكع في شوارع بولون، لم يكن قادرا حتى على تعبئة استمارة طلب المساعدة الاجتماعية ناهيك عن فعل أي شيء آخر». في الوقت نفسه تمكن أبوه من أن يحصل له على عمل في مجال البناء في المرافق العامة.
في ناديه الجديد بريست في الدرجة الثالثة بدأ فرانك ريبيري في تطوير نفسه وحصل على راتب بمقدار 2500 يورو. وللمرة الأولى فإن مسيرة حياته المتقلبة استقرت على سكة مستقيمة، كما انه تعرف على زوجته الحالية وهيبة.
وفي عام 2004 انتقل إلى نادي ميتز وفي اغسطس تم اختياره كأفضل لاعب في ذلك الشهر في مركز الجناح الأيمن قبل ان ينتقل ريبيري إلى غلطة سراي التركي بعد مفاوضات شاقة. وهناك بدأت موهبته بالتفجر أكثر وأكثر حيث انه أحرز هدفا في نهائي الكأس ضد فنربخشة وصنع هدفين آخرين الأمر الذي أكسب فريقه الكأس. وفي ستاد علي سامي ارتجل المشجعون الأتراك هذه الأغنية «أحبك ريبيري». ولكن القدر بدأ يعيد نفسه مرة أخرى إذ لم تستطع إدارة غلطة سراي مواصلة دفع راتبه وترتب على ذلك الانتقال الجديد والأخير نحو مرسيليا حيث تألق لموسمين قبل انتقاله لبايرن ميونيخ الألماني.تحفل الملاعب في أوروبا بالعديد من اللاعبين المسلمين الذين يقدم بعضهم صورة طيبة للدين الإسلامي في البطولات الأوروبية، ويعتبر بعضهم سفراء مشرفين للإسلام عن طريق التزامهم وتمسكهم بتعاليم وفرائض الدين، وابتعادهم عن التورط في فضائح جنسية أو إدمان للخمور والمخدرات بجانب تبرعاتهم للفقراء والمرضى ومساهماتهم في أعمال الخير.
وخلال شهر رمضان الكريم تقدم «الأنباء» مسيرة 30 لاعبا مسلما في الملاعب الأوروبية كما نستعرض عاداتهم وتقاليدهم ومدى التزامهم بالدين بجانب تأثير الصيام عليهم خلال شهر رمضان، حيث نجد لاعبين يصومون وآخرون يفطرون، وقد يجبر البعض على الإفطار تجنبا لغضب المدرب أو لأي عقوبات من ناديه.