القلاف والدوسري
حسين الشمري
أنفال القلاف، شاعرة، من أبرز الأسماء النسائية الموجودة في الساحة، كتبت الشعر بعقل وخطته بنزف لا يقل ابداعا، نصوصها الشعرية تمثل شخصيتها، شاعرة سياسية من النوع النادر، كتبت مؤخرا «انتخابيات»، ولاقت استحسان الجميع، آراؤها لا تقل جرأة عن قصائدها السياسية، استضفناها اليوم مع شاعرة لا تقل جمالا، مشاعل الدوسري، شاعرة كويتية برزت مؤخرا، كتبت الشعر بأسلوب لا يشبهه احد، حلقت كـ «الحمائم» في سماء الشعر، شاعرة تستحق الاحتفاء والمتابعة، واليوم أنفال ومشاعل في مواجهة شعرية عن الشاعرات والشعر وأحاديث اخرى تبين مدى الاختلاف في الرؤى والذائقة والرأي:
القلاف:
التخفي باسم مستعار يعلي سقف الحرية والكل حر في إطلاق اسمه الحقيقي
الدوسري:
هناك ظروف معينة حتّمت على بعض الشاعرات اختيار أسماء مستعارة بحكم العادات والتقاليد
كم نصيب العاطفة من قصائدك؟ وهل تعتقدين ان القصائد العاطفية للشاعرة لا تلاقي استحسانا حاليا؟
أنفال: لا أعلم، لست مشغولة كثيرا بالقصائد العاطفية لأن مشاعر الناس وقضايا المجتمع وقضاياي الشخصية لاتزال كثيرة ولم أكتب منها إلا القليل القليل، بعيدة عن قصائد الغزل والعواطف «سفر عشر سنين».
مشاعل: كل النصيب لها، من ناحيتي القصائد مجموعة من الأحاسيس والعواطف مرصوصة على هيئة قوافى، سواء كانت قصائد شاعرة أو شاعر لن تلاقي استحسانا مادامت لا تحمل أكبر قدر من العاطفة، والقصيدة «الجامدة» لن تدخل لقلب القارئ برأيي.
وهل تعتقدين أن الاختباء وراء اسم مستعار يفرض حرية أكثر للشاعرة؟ ولماذا؟
أنفال: لست منهن ولن أكون، إلا أني التمس لأخواتي المبدعات العذر وهو أنهن خلقن في مجتمع كهذا يحترم الرجل ويقدس شاعريته ويرى من بعده الطوفان، الطوفان فحسب، إنما الإبداع شمس تأبى إلا أن تنشر أشعتها هنا وهناك، وبشأن الحرية فربما نعم، فالاختباء او التخفي عموما يعلي سقف الحرية إلى مالانهاية ولكن بإمكان أحدنا أن يكون حرا مطلقا باسمه الحقيقي، فبكل الأحوال لن نبوح إلا بمكنونات مسموحة أو حقائق مرئية ومسموعة ولن نفتري على أحد أو نجرح أو نغالي.
مشاعل: برأيي هناك ظروف معينة حتمت على بعض الشاعرات اختيار أسماء مستعارة لهن بحكم العادات والتقاليد ربما لتحاشي النظرة السلبية في مجتمعهن أو الهروب من الأضواء وهذه أيضا حرية، أما بالنسبة لحرية الكتابة، فالاسم الصريح لا يحكرها أيضا ما دامت بحدود الأدب، ولا أرى هناك دافعا لأخذ الاسم المستعار سببا للحرية، هناك مبدعات كتبن خلف أسماء مستعارة ولم يخرجن عن إطار الحرية المشروعة.
وهل الشاعرة أخذت من الضوء أو الظلم ما يكفي؟
أنفال: الضوء والضوء فقط، انا ضد المقولة الحمقاء «الشاعرات مظلومات» وقائلها إما قليل إطلاع أو تعمد حجب عينيه عن مواطن الشعر الحقيقية، ترى الإعلام يسلط كافة أضوائه لحظة ولادة شاعرة جديدة، حقيقية كانت أم مزيفة، حسناء أم قبيحة، فالإعلام في كل مكان متعطش للتواجد النسائي حتى ان البعض يضطر أحيانا لإيجاد اسم نسائي من العدم فقط من أجل التسويق، وأنت إعلامي ولا تخفى عليك هذه الحقيقة وتكاد تكون أعلم مني بهذه الجزئية.
مشاعل: باعتقادي الظهور للضوء باختيار الشاعرة نفسها، والمجتمع يرسم لظهورها حدودا وأطرا لا تستطيع الخروج عنه، ومن ناحيتي أفضل الظهور المقروء للشاعرة الخليجية، أما الظلم فلا أرى ظلما نهائيا مادام باختيار الشاعرة أن تكون مغمورة أو ظاهرة.
ولما اخترت اسمك الصريح، وما هو الشعر بالنسبة لك؟
أنفال: لأني لا أملك إلا هو، وما اضطررت يوما لإيجاد بديل، الشعر رسالة ومتنفس في آن معا.
مشاعل: لأني لن أكون غيري أبدا فقصائدي ستجسدني وسأجسدها باسمي، وربطت قصائدي باسمي لأنصفها، أما الشعر بالنسبة إلي فهو شعور وردة فعل جميلة لأي موقف تمر به مشاعري، فالقصيدة بنظري لوحة فنية لا تحتاج الا الى بارع يصنع جمالها، ويجب على الفنان التمكن من استخدام ادواته، وتطوير ذوقه وفنه لإظهار هذا الجمال.
وكشاعرة كويتية، هل ترين هناك قلة بأسماء الشاعرات الكويتية، ولماذا؟
أنفال: أخشى ظلم إحداهن ولكنها ندرة بالفعل، فالأسماء التي فرضت وجودها تكاد تكون معدودة، والأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى.
مشاعل: بالعكس، هناك باقة جميلة من الشاعرات الكويتيات يفخر بهن الشعر الكويتي.
وهل هذا عصر الشعر الذهبي؟
أنفال: لم أشهد سواه في الواقع، وأتمنى أن يكون كذلك، فلا عذر لدينا كي لا يكون ذهبيا لأن الواقع بين أيدينا كنز خلفه لنا السابقون وما علينا سوى الاجتهاد لإثرائه او عدم تشويهه على الأقل.
مشاعل: ليس هناك عصر ذهبي للشعر، هناك شعراء وشاعرات من ذهب على مر العصور.
وبالنسبة لهذا العصر نعم هناك شعراء يخطون حروفا ذهبية، ولو «خليت خربت»، فالشعر مازال بخير.
وبالنسبة للشاعرات هل يعتبر كذلك؟
أنفال: بالنسبة لي أعتبره إلى الآن ماسيا.
مشاعل: كذلك الشاعرات، فالشعر النسائي مزدهر، هناك شاعرات ذهبيات أيضا.
وهل الصحافة الكويتية تدعم الشاعرات؟
انفال: هناك جهات دعم بكل معنى الكلمة وفي الجهة الأخرى هناك جهات تحطيم، ولا يصح إلا الصحيح بالنهاية.
مشاعل: تخدم الشاعرات إلى حد معين، فلا أراها منصفة كثيرا بحق الشاعرات بالكويت.
خارطة الإنسان
نص، شعري، غير اعتيادي، كوجودها الدائم، هنا، أنفال تنثر الرمزية على هيئة قوافى تستحق القراءة بتمعن كبير، أسلوب متميز كالعادة، نفس شعري مغاير جدا عما سمعناه، أنفال القلاف خط شعري وحده.
-
شقت خدود السما لأنوار لين انكشف
-
عرف بنفسه وقال: إحساس فاقد ترف
-
في صمت أرعب عيون الكون لما نزف
-
مشطوب من خارطة الإنسان مو معترف
-
كم نام في ظل فقر الحال لين احترف
-
عايش تحت رحمة الأحلام يحصد أسف
-
يحكي عن الحزن له أعوام حتى انجرف
-
سكت فجأة وأثر البوح ريقه نشف
-
يا وقت من فينا صار اليوم ميت قرف؟
-
هات القلم وإلا هات جروح ما تنوصف
-
نبضي وقف والأدق كثير: عمري وقف
-
ما هو صعب تمطر الأيام حب وصدف
-
كلما لمحت الثريا شوي ناب السقف
-
وجه المغربل وذايق ويل من دنيته
-
ما حس لحظة بدفء أوطان في ديرته
-
كل الصحاري غدت ريضان من دمعته
-
به وبوجوده وطيب الساس في عزوته
-
فن التسامي مع إن الجوع به فتته
-
ماشي على هامش الأحياء مع غربته
-
وصبح يمارس أليم الدمع في وحدته
-
سنين واهوا يحاكي الحال بمرايته
-
منهو جرع من زلال الظيم في مقلته
-
هات الحزن وانثره أبيات وإلا اثبته
-
حلمي اختفى أو منعني الياس من رؤيته
-
مير الصعب يحتويني العمر بمحبته
-
أصبح يعضض بعيني النور من قسوته
أنفال القلاف
طيور الشوق
-
تكفــــا دخيلـك دام جيــــت وتعنيــــت
-
ازهم طيور الشوق وامسك ايديني
مساحة، معشوشبة جمالا وشعرا، «حمامة الشعر»، مشاعل الدوسري، هنا طارت منطلقة بمفردها في سماء الشعر وبين غيومه، مشاعل قالت في هذا الاحساس الشامخ: انا على حطة يدك يوم صديت وقالت كذلك: مابغى اجيلك بس جرحي يحديني، وقالت الكثير، الكثير، نص شعري مفعم بالجمال والروعة يستحق القراءة والتصفيق كذلك:
-
جيتك ونا أدري على البال ما جيت
-
آنا على حطة يدك يوم صديت
-
ترحل وترجع يا هلا قد ما خطيت
-
دامك على فنجال جرحي تقهويت
-
اشفق على جرحي ليا مني ونيت
-
عقبك طريح فراش شوقي تلويت
-
كانك على عزة جروحي تعديت
-
ياللي على قلبن يحبك تماديت
-
جيت بسيوفك ماكفاك اللي سويت
-
شلتك على عرش الحنايا تعليت
-
تكفا دخيلك دام جيت وتعنيت
-
مابغى اجيلك بس جرحي يحديني
-
ازهم حنين الصبح وازهم حنيني
-
ان ما لفاك القلب تلفاك عيني
-
يا عزتي للجرح يومه يجيني
-
ماعاد فيني شي وش عاد فيني؟
-
من وجعة الاشواق زايد ونيني
-
يا بشتكيك القلب او بشتكيني
-
يفداك قلب حط جرحه رهيني،
-
تحسب جروحي تطيب يوم تعديني؟
-
يفدى سموك كل واش وشيني
-
ازهم طيور الشوق وامسك ايديني
مشاعل الدوسري