الجاسم: «تجريد التوحيد من درن الشرك وشبه التنديد»رسالة تأكيد على إفراد الله بالعبودية
اختلفت شرائع الأمم الأولى ومناهج الأنبياء، لكنها اتفقت جميعا على الدعوة للتوحيد والتحذير من الشرك، ومازال إبليس وجنده يضلون بني آدم حتى يوقعوهم في الشرك عبر تعظيم غير الله وصرف العبادة عنه، حيث كان أول شرك وقع فيه بنو البشر عبر الغلو في تعظيم قبور الصالحين كما فعل قوم نوح عليه السلام، هذا ما أكده الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية فيصل الجاسم عبر كتابه القيم «تجريد التوحيد من درن الشرك وشبه التنديد»، والذي تضمن واستوعب مسائل واصولا تتعلق بتحقيق التوحيد بأنواعه، وبيان ما يضاده من الشرك والبدع، كما استطرد المؤلف بذكر انواع الشفاعة والتوسل، واعقبه بذكر شبه القبوريين والمتصوفة والرد عليهم بأسلوب علمي واضح عبر ادلة شرعية مقنعة، ورغم ان المؤلفات في علوم التوحيد كثيرة ومتنوعة الا ان هذا الكتاب تميز بالاختصار والإفادة، وللجاسم مؤلفات أخرى عديدة غير هذا المؤلف واشهرها «الأشاعرة في ميزان أهل السنة».
وأوضح الجاسم أن الشريعة الإسلامية أتت لتسد جميع الذرائع المفضية للبناء على القبور خشية تعظيمها والغلو فيها وصرف بعض العبادة لها، مبينا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في مسجده وإنما دفن في حجرة زوجته عائشة رضي الله عنها، والتي كانت ملاصقة لجدار المسجد، وأن الحجرة لم تدخل في المسجد سوى في الأزمنة المتأخرة وبعد وفاة أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وفيما يلي نص اللقاء الذي أجرته «الأنباء» مع المؤلف فيصل الجاسم:
كتابكم يتحدث عن جانب العقيدة، فما اسم مؤلفكم؟ وهل حرصتم على أن يقدم له من أحد العلماء؟
كتابنا تحت عنوان «تجريد التوحيد من درن الشرك وشبه التنديد»، وهو عبارة عن رسالة مختصرة في الرد على أشهر الشبه في مسائل التوسل والاستغاثة بالأنبياء والصالحين، وقد قام بتقديمه فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالعزيز العقيل من المملكة العربية السعودية، كما قامت بطباعته مشكورة المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة في الكويت.
ما سبب التأليف وكيف جاءت الفكرة؟
أصل هذه الرسالة محاضرة قدمتها بعنوان «مزاعم القبوريين ودعاوى المتصوفين»، أقامتها جمعية الشريعة المباركة في جامعة الكويت ـ كلية الشريعة ـ فآثر الإخوة القائمون على هذه الجمعية السلفية المباركة أن تصدر في شكل رسالة صغيرة تكون زادا لأهل السنة، ونصيحة لمن تأثر بالتصوف القبوري، فقبلت مشورتهم مستعينا بالله.
منهج الكتاب
لكن ما مضمون هذا المؤلف بالتحديد، وكيف هو منهجك الذي سرت عليه خلال التصنيف؟
يتضمن الكتاب رسالة لطيفة في توضيح عقيدة توحيد الله جل وعلا، وإفراده بالعبادة، وبيان أنها حق لله، ليس لأحد من الخلق فيها نصيب، وبيان أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله، وما يضاد ذلك من الشرك به الذي هو أعظم الذنوب، ثم ذكر مسائل مهمة تتعلق بالشفاعة والتوسل والتبرك، وهي بمثابة أصول جامعة مفيدة تعين على فهم التوحيد وكشف شبه الشرك.
ثم أعقبت هذه الأصول الجامعة بذكر أشهر شبه القبوريين والمتصوفين ولم أرد استيعابها، لأن أكثرها قصص وحكايات مكذوبة وأحاديث مختلقة وأقوال باطلة لا سند او دليل عليها، والمقصود هو كشف زيف شبه مدعي التصوف القبوريين المتوسلين بذوات الأنبياء والصالحين، المستغيثين بغير الله، وقد نبتت منهم نبتة سيئة بدأت تنتشر دعوتها القبورية في وسائل الإعلام لما فتر بعض أهل السنة عن الدعوة واشتغل بعضهم بما غيره أولى منه.
ولم اذكر في الرسالة في الاصول والردود الا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الاصول الجامعة والشبه المكشوفة قد جمعت مادتها من نصوص الكتاب والسنة وكلام ائمة السنة المحققين، ورتبتها وربما تصرفت فيها باختصار احيانا، وبتغيير العبارة احيانا، والفت بين كلامهم حتى تخرج بصورة ميسرة سهلة، وربما زدت عليها بعض المسائل والردود.
أهمية التوحيد
لكن ما اهمية التوحيد، ولماذا يكثر العلماء من تدريسه والحديث حوله؟
لأنه لا تصح عبادة من صلاة ولا صيام وذبح وذكر الا بأن تكون لله وحده لا شريك له فيها، وهو التوحيد، اي يوحد الله ويفرده بالعبادة دون غيره، فكما ان الصلاة لا تصح الا بالطهارة، فإذا احدث العبد ببول او غيره افسدها، فكذلك العبادة بأنواعها لا تصح الا بتوحيد الله عز وجل فيها، فإذا خالطها شرك بأن صرف نوعا من العبادة فسدت، ولا تفسد وحدها فقط بل يفسد كل عمله وطاعاته، قال تعالى (ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله شاهدين على انفسهم بالكفر اولئك حبطت اعمالهم وفي النار هم خالدون)، والشرك يحبط العمل جميعها ولا يغفره الله ما لم يتب منه قبل الموت.
سداً لذريعة الشرك
ما دور الشريعة الإسلامية في التصدي للشرك والتحذير من كل ما يؤدي إليه، وهل هناك أدلة شرعية تعضد ذلك؟
سدت الشريعة كل الطرق التي يتوصل بها الى الشرك بالله، حماية لجناب التوحيد، ومنها ما يتعلق بالقبور وتعظيم اصحابها والغلو فيهم وفي قبورهم، فان اول شرك وقع في الارض كان سببه الغلو في الصالحين وفي قبورهم، وهو ما وقع من قوم نوح عليه السلام.
ومن الادلة على سد الذرائع نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد»، وقالت عائشة رضي الله عنها «ولولا ذلك لابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجدا» متفق عليه.
لكن لاشك أن للقبوريين أدلتهم فيما ذهبوا إليه في تعظيم قبور الصالحين وبناء القباب عليها، فما حقيقية أدلتهم؟
شبه القبوريين أنواع، فمنها ما هو قصص وحكايات لا يعجز عن مثلها كل مبطل، ومنها أحاديث موضوعة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها أحاديث صحيحة لكنها لا تدل على باطلهم، بل تدل على خلافه، ومنها ما هو قول عالم متأخر لا يعتبر قوله حجة في دين الله في حال سلم من المعارضة، فكيف إذا خالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة؟!
لكن ماذا عن استدلالهم على جواز البناء على القبور بقصة أصحاب الكهف وقولهم «ابنوا عليهم بنيانا» أو قولهم «لنتخذن عليهم مسجدا»؟
أولا ليس في الآية أن الذين قالوا ذلك مؤمنون، ولذلك اختلف المفسرون، ولو سلمنا أنهم مؤمنون فليس فيه دليل أنهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكين بشريعة نبيهم، وثانيا الآية أتت من باب الإخبار لا من باب الإقرار، وإنما في الآية ذكر ما حصل من التنازع بينهم، وأخيرا فإنه قد قيل أيضا أن هؤلاء النفر هم من النصارى وما هو مشروع في دينهم قد لا يكون مشروعا في ديننا.
القبر والمسجد
وماذا يقال لمن يحتج بجواز أو استحباب بناء المساجد على قبور الصالحين بوجود قبره صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة؟
يقال له أولا ان المشاهد اليوم لقبره صلى الله عليه وسلم في المسجد لم يكن كذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم، لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما دفن في بيته في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وحجرة عائشة رضي الله عنها لم تكن من المسجد وهذا امر لا يختلف فيه العلماء، وانما ادخلت غرفتها في عهد الوليد بن عبدالملك، وأيضا يقال إن ادخال القبر في المسجد انكره العلماء آنذاك ومنهم سعيد بن المسيب من أكبر التابعين، وأخيرا فإنه مع وقوع المخالفة بإدخال الحجرة المسجد فإنهم قد احتاطوا لذلك بغية تقليل المخالفة فبنوا حيطانا طويلة ومرتفعة لئلا يظهر القبر في المسجد.
هل من كلمة تلخص لنا ماسبق وتعطي القارئ زبدة الكتاب؟
يتبين للقارئ مما سبق ان ما ذكر في الكتاب ما لدى المتصوفة القبوريين من الحجة الواهية، حيث انهم لجأوا في تقرير ما يعتقدونه مما يخالف الكتاب والسنة وعمل السلف، الى روايات منكرة، او لا اصل لها، لا من الصحابة والسلف ولا من الائمة، وعجزوا ان يأتوا بما صح عن احد السلف ما يؤيد دعواهم، فضلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأي عقيدة هذه التي لا نجد تقريرها بعد طول البحث والتنقيب الا المنكرات والاباطيل.
العيناتي: حفظت القرآن في الـ 13 من عمري وحصلت على المركز الثالث في مسابقة دبي ممثلاً لبلدي
«الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر»، حكمة عمل بها الشيخ جاسم العيناتي مع ابنه القارئ خالد، فأثمرت حافظا للقرآن مجودا متقنا، نال مراكز متقدمة في مسابقات دولية رفع فيها اسم الكويت عاليا، وكان آخرها مسابقة دبي الدولية في حفظ القرآن الكريم والتي حصل فيها على المركز الثالث وسط منافسين كبار من شتى أنحاء العالم الإسلامي.
حفظ القرآن عن ظهر غيب قبل بلوغ الـ 13 سنة، وكان لرعاية والده ومتابعته عبر حلقة المسجد المجاور ودعاء والدته الفضل الكبير في ذلك بعد فضل الله تعالى ومنته، وأكرمه الله بنيل سندين متصلين إلى النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم، كان أحدهما عبر شيخه الشيخ عبدالرازق بن علي موسى عضو اللجنة العلمية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
وأوضح القارئ خالد جاسم العيناتي والطالب في كلية الآداب في جامعة الكويت قسم لغة عربية عبر لقاء بـ «الأنباء» أن على الشاب المسلم استغلال وقته في رمضان بقراءة القرآن، لافتا إلى أن الكثير يقع منه الغلط فترتفع همته بالقراءة وسائر العبادات في أول رمضان ويفتر في آخره، وفيما يلي نص الحوار:
لاشك أن للوالدين فضلا في نجاح الابن، ومعلوم أن والدك هو الشيخ الفاضل جاسم العيناتي، فحدثنا عن دوره في حفظك للقرآن الكريم.
بفضل الله تعالى أولا ثم فضل الوالدين حفظت «جزء عم» قبل دخولي المرحلة الابتدائية، فالوالد كان يحرص على حضورنا لحلقة شيخ المسجد المجاور للبيت، واستمر الأمر حتى أيام المرحلة المتوسطة، ومن ثم أخبرت عن شيخ آخر جيد لأقرأ عليه في حلقته وفي غير وقت حلقته، فقد كنت آتيه في الصباح والمساء، حتى أتممت حفظ القرآن كاملا وأنا ابن 13 سنة.
طرق حفظ القرآن عديدة ولكل ما يناسبه منها، فما طريقتك الخاصة التي اتبعتها في حفظك للقرآن؟
طريقتي هي كالتالي: أغلق المصحف وأقرأ من حفظي، وإذا أحسست بغلط فتحت المصحف للتصحيح والتأكيد، وثاني هذه الطرق أني لا أفرط في المقدار المحدد علي مراجعته للقرآن وهو بحدود جزء واحد على الأقل، وأعتني بجلسة المراجعة التي تكون بعد الفجر، وهو وقت مبارك حيث يكون الذهن صافيا غير منشغل بالتفكير سوى بالقرآن وليس لديك عمل تقلق بشأنه فالجميع نائم في الغالب في مثل هذا الوقت، ومرت علي فترة ليست بطويلة كنت أراجع فيها القرآن أثناء قيادتي للسيارة حيث أقرأ عن ظهر غيب وأشغل فيها نفسي بالنافع.
هل حصلت على أسانيد متصلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم حفظا وتجويدا؟
نعم، وعندي سندان اثنان في القرآن، سند للشيخ عبدالرازق بن علي موسى وهو عضو اللجنة العلمية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وذلك خلال زيارته للكويت لإقراء الناس، والسند الآخر من الشيخ حافظ محمد قرشي في الكويت.
الثالث في مسابقة دبي
حدثنا عن المسابقة الدولية التي شاركت فيها في حفظ القرآن الكريم ممثلا للكويت، وما الفوائد المرجوة لحافظ القرآن من مثل هذه المشاركات الخارجية؟
حصلت على المركز الثالث لفئة عشرة أجزاء ضمن مسابقة حفظ القرآن الكريم في مصر عام 2006، وعلى المركز السابع في مسابقة الملك عبدالعزيز في السعودية عام 2007، وآخـــر المشاركات كانت في دبي حيث حصلت على المركز الثالث وهذه أعز الألقاب التي حصلت عليها.
وللمشاركات الخارجية للحافظ فوائد كثيرة، فهي تقوي من حفظه وتشد من عزمه وتساهم مساهمة كبيرة في مراجعة ما حفظته من القرآن، وتمكنك من مقابلة كبار القراء والحفاظ من الشباب والصغار، كما أنها تمنحك دائرة أوسع في التعارف مع الإخوة من الدول الإسلامية إضافة إلى دول الخليج.
حدثنا عن تجربتك في الإمامة في المسجد الكبير؟ وماذا استفدت؟
انطباعي عن تجربة المسجد الكبير له عدة جوانب، اولها أنها تجربة تعودك على مواجهة الجمهور، والأمر الثاني أنها كسرت حاجز الرهبة أثناء القراءة وعدم الارتباك، فالبعض إذا سمع لنفسه لا يغلط لكنه إذا سمع لاثنين وأكثر تبدأ الأغلاط بسبب ربكة الجمهور والمتابعين له، والأمر الثالث وهو جانب الإخلاص حيث يتعود الإنسان على مدافعة الرياء، وهذا أمر بلا شك شائك جدا ويحتاج إلى قوة وتقوى، نسأل الله السلامة، كما يمكن للإمام أن يؤجر بترتيله الحسن ويكون سبباً لهداية المستمعين خاصة إذا احتسب النية.
ومن الملاحظات التي يجدر ذكرها أن بعض الإخوة الذين يصلون القيام في العشر الأخيــــرة يعانون من اقتراب كاميرات التصوير وكثرة حركتها أثناء الصلاة فيكون فيها الإمام كالمقيد لا يستطيع الحركة، بينما في الحرم المكي والمدني يعمل بخاصية الزوم فلا يشوش على الإمام، وهي تجربة لم أمر بها، فأنا صليت صلاة التراويح والتي تنقل عبر الإذاعة فقط وهذا لا إشكال فيه من هذا النوع.
إذن، عرضت عليك الإمامة في صلاة القيام بالتحديد في المسجد الكبير؟
عرض علي الفكرة أخي مشاري العفاسي العام الماضي، لكن تم ذلك في وقت متأخر ولم يسعف الوقت لإتمام الفكرة، ولعل هذا العام تكون لنا فرصة، وعموما الفكرة مازالت في طور التفكير، خاصة أن والدي لا يحبذ فكرة الإمامة في المسجد الكبير حيث يراها أنها تشغلني عما هو أهم.
هل من نصيحة للشاب المسلم الذي فترت همته عن قراءة القرآن وعن إتمام ولو ختمة واحدة في رمضان؟
ليس الهدف من قراءة القرآن هو الختمة وكثرة تقليب الصفحات دون التدبر بمعاني الآيات، كما أنه وللأسف البعض يبدأ في رمضان بالإكثار من القراءة والتنوع في العبادة وتأتيه الأيام الأخيرة الفاضلة وهو فاتر قد أصابه الملل والخور، بينما المطلوب هو العكس وأن تنشط همته في الأيام الأخيرة أكثر كما يفعله صلى الله عليه وسلم.
وكما قيل «قليل دائم خير من كثير منقطع» فلو تعود المسلم والتزم قراءة ربع حزب ـ صفحتين ونصف الصفحة ـ بين كل آذان وإقامة لكان أمرا طيبا.
صفحات نوافذ الأنباء الرمضانية كاملة في ملف ( pdf )