سمير نصري ملتزم بصوم رمضان ويُجبر على الإفطار أحياناً
كل عام ومع حلول شهر رمضان المبارك تثار العديد من التساؤلات حول قضية صيام اللاعبين المسلمين المحترفين في أوروبا من عدمه خلال أيام المباريات التي يخوضونها مع أنديتهم، وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان لهذا العام شهدت الملاعب الأوروبية العديد من القضايا المرتبطة بصيام اللاعبين المسلمين في أوقات المباريات. ويضم المنتخب الفرنسي أكثر من لاعب مسلم ولعل أبرزهم ريبيري وأبيدال وأنيلكا بجانب سمير نصري وكريم بنزيمة وحاتم بن عرفة ذو الأصول العربية ومن ثم فإنهم حريصون على صوم رمضان وتناول اللحم الحلال. والمتابع لمعظم المباريات الأوروبية يجد ان نسبة اللاعبين المعتنقين للإسلام زادت بشكل كبير، وأصبح من الممكن رؤية لاعبين يقرأون الفاتحة قبل بدء المباريات، خصوصا في الأندية الكبرى في إسبانيا وإنجلترا وألمانيا وكذلك في المنتخب الفرنسي. ويضم المنتخب الفرنسي الحالي 7 لاعبين مسلمين يلعب 4 او 5 منهم في التشكيلة الأساسية للديوك، وهم: صانع الألعاب فرانك ريبيري، والمدافع أريك أبيدال وكلاهما غير اسمه الأول إلى بلال، والمهاجم أنيلكا والنجمان الصاعدان سمير نصري وكريم بنزيمة. وإذا كان الأخيران قد ولدا مسلمين لكونهما ينحدران من أصول مغاربية فإن ريبيري وأبيدال وأنيلكا اختاروا أن يكونوا مسلمين بعد أن وصلوا مرحلة النجومية، وهم في مقتبل العمر، في وسط أجواء الشهرة والأموال الطائلة.
ويعتبر سمير نصري أحد ابرز اللاعبين المسلمين العرب الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية ولعبوا لمنتخب فرنسا وهو يسير على خطى مواطنه زيدان ويعول عليه الكثيرون من عشاق الكرة الفرنسية ويعتبره البعض زيدان الجديد في فرنسا. وكان نصري من أبرز اللاعبين الصاعدين الذين برزوا من صغرهم ولعبوا مع المنتخب الفرنسي وهو لا يتجاوز 20 من العمر وهو حاليا يلعب في أرسنال وهذا الموسم الثاني له مع المدفعجية، ويقدم أداء جيدا معهم ونصري كانت بدايته مع نادي مرسيليا وكان أول ظهور له في عام 2005 ومنذ تلك الفترة ونصري يتقدم من موسم لآخر بأداء رائع كما لعب مع منتخب الناشئين واستطاع ان يحصل على لقب كأس أمم اوروبا تحت 17 سنة.
بداية نصري كانت مع مرسيليا مع زميله حاتم بن عرفة وبعد فوزه بلقب كأس أمم اوروبا مع المنتخب الفرنسي عام 2004 انضم للفريق الأول مع مرسيليا عام 2005 وكان متألقا مع الفريق واستطاع في موسمه الأول الفوز مع النادي بكأس الإنتر توتو الأوروبي وهذا اللقب الوحيد الذي استطاع ان يحصل عليه مع النادي الفرنسي وبعدها خسر نهائيين لكأس فرنسا مع مرسيليا عام 2006 و2007 الأول كان أمام باريس سان جرمان والثاني امام سوشو.
وفي عام 2007 وبالتحديد الأربعاء 28 مارس 2007 كان لقاؤه الأول الدولي مع المنتخب الفرنسي واستطاع ان يصنع هدف الفوز للاعب كريم بنزيمة الذي أحرزه مع الفريق وفازوا بهذا الهدف الرائع من صناعة المايسترو الجديد للديوك بعد زيدان الأسطورة الرائعة وتألق مع الديوك في «يورو 2008» وفي مطلع الموسم الماضي انتقل نصري لأرسنال بصفقة قيمتها 18 مليون يورو. وحمل نصري رقم 8 مع أرسنال ولعب العديد من المباريات القوية وسجل هدفين تاريخين أمام مان يونايتد 2 ـ 1 الموسم الماضي وكان يساهم بشكل كبير بفوز فريقه في عدة مباريات ولايزال ينتظر الكثير من عشاق أرسنال، تألق نصري في مباريات الموسم الحالي ويعول عليه كثيرا مدرب أرسنال ارسين فينغر في تحقيق اكبر عدد من الأهداف مع الفريق وبتحقيق لقب الدوري المحلي الانجليزي الذي غاب عن خزائن النادي لفترة طويلة بجانب المنافسة على لقب دوري أبطال اوروبا.
وفي حوار مع مجلة «فرانس فوتبول»، قال نصري: «لقد جئت إلى أرسنال لكي ألعب مباريات شبيهة بتلك التي لعبتها أمام مان يونايتد، وعندما كنت أصغر سنا، كنت أتابع مباريات أرسنال وتألق نجومه القدامى من الفرنسيين تييري هنري وباتريك فييرا وروبيرت بيريس وغيرهم، ولا تفوتني أبدا، حيث كنت حريصا على مشاهدة كل مباريات المدفعجية في التلفزيون، وكان حلمي الكبير ان ألعب في صفوف هذا النادي، وها أنذا ألعب فيه بالفعل وأشعر بأنه بيتي وفرحتي وسعادتي به لا يعادلهما شيء». وعما إذا كان أرسنال تحديدا قادرا على ان ينافس بقوة على اللقب، بل يضع ذلك هدفا نصب عينيه رغم صغر سن معظم لاعبيه، قال نصري: «اللقب ليس هدفا خفيا ونرغب في السعي إليه بدءا من هذا الموسم، ونحن نشعر بأننا نملك الكثير من النضج في لعبنا رغم انخفاض متوسط أعمار اللاعبين». وأضاف: «وعلى المستوى الفني لا يقل أرسنال بأي حال عن أي فريق آخر، كما ان الفريق يتفوق أيضا على المستوى البدني». وعن كيفية انسجامه واندماجه في لعب هذا الفريق الإنجليزي، قال: «الفريق كله يتنفس كرة القدم ويستلهم منها قوته». وعن دوره قال نصري: «أنا صانع لعب أميل قليلا نحو الجانب الأيسر، ولكن تحركاتي تتجه كثيرا نحو القلب، وأعترف بأن ما أفعله في أرسنال أكبر بكثير مما كنت أفعله في مرسيليا خاصة على المستوى الهجومي، ولهذا أصبحت أكثر حسما مع أرسنال».
وأضاف ان اللاعب الفرنسي الدولي الذي لعب 44 مباراة الموسم الماضي عقب انضمامه لأرسنال انه سيغيب عن الملاعب لمدة تتراوح بين شهرين و3 اشهر عقب إصابته بكسر في ساقه خلال معسكر تدريبي للفريق اللندني في النمسا.
وأكد نصري ان اللاعبين الفرنسيين ساهموا بشكل كبير لتأقلمه بالفريق ويعتبر شمال لندن كموطنه فرنسا لما يحظى بجنسيات فرنسية كبيرة بالفريق ويشبه المنتخب الفرنسي. كما انه لا يعاني من مشاكل في أداء الصلاة أو صوم رمضان بفضل وجود أكثر من لاعب مسلم في صفوف المدفعجية. واضاف نصري: «لدينا لاعبون فرنسيون وأفارقة مسلمون وجميعهم يتكلمون الفرنسية».
يذكر ان الصحف الفرنسية اليمينية كانت قد شنت هجوما لاذعا الموسم قبل الماضي على نادي مرسيليا بعد خسارته أمام نانت، واعتبرت أن السبب الرئيسي للخسارة هو صيام 8 لاعبين مسلمين في صفوف الفريق أثناء اللقاء، ما أدى إلى انخفاض مستواهم وخسارة مرسيليا للمباراة. وهو الأمر الذي لم يستبعده بعض المسؤولين في النادي، ليثير ذلك اللاعبين الـ 8 الذين رفضوا هذه الادعاءات وأشاروا إلى أن خسارتهم كانت أمرا عاديا، كما خسرت أندية أخرى وكما سبق لمرسيليا نفسه أن خسر في مناسبات سابقة، وأكدوا انهم يصومون رمضان وعلى الجميع أن يفهم أن ذلك أمر واجب على المسلمين. وقال نصري ان «هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهو اعتداء صارخ على الأخلاق والمعتقدات الدينية». واضاف نصري «مرت سنوات عديدة وأنا أصوم رمضان، لقد أصبح أمرا طبيعيا بالنسبة لي لأن جسمي تعود على ذلك، مدربي شخص متفتح ومتفهم، بالطبع تحدث بعض المشكلات إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة، ولكن الأمور تمر بشكل عادي». وقال «أحاول خلق التوازن بقدر الإمكان بين الصيام ولعب كرة القدم». وتابع «في يوم المباريات يمنع على اللاعبين الصوم، فنحن نعطش كثيرا ولكني لم أتخلف عن أي حصة تدريبية بسبب ذلك». يبقى ان نعرف ان سمير نصري من مواليد مدينة مرسيليا الفرنسية في الـ 26 من شهر يونيو 1987 (23 سنة)، وكان قد بدأ اللعب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي في سن 17 سنة بنادي اوليمبيك مرسيليا عام 2004 واستمر به حتى منتصف عام 2008 ثم انتقل الى صفوف مدفعجية ارسنال. وقد ولد على الإسلام وينحدر أبواه من مدينة قسطنطينة الجزائرية وبلا شك الكل يعرف حقيقة إسلامه وكان في فريقه السابق مرسيليا غالبا يقرأ الفاتحة ويدعو قبل كل مباراة كما هو واضح في الصور.