كتاب ومؤلف
الأنصاري: «المواريث» علم جليل غفل عنه الكثيرون رغم سهولته وقلة الاختلاف الفقهي فيه
أكد الداعية إبراهيم الأنصاري أهمية علم المواريث وضرورة العناية به لحاجة الناس إليه، مشيرا إلى أن الكثيرين استصعبوا هذا العلم وزهدوا فيه وهجروا مطالعته، وبين أنه نصف العلم حيث لا يكاد أحد يسلم من الحاجة لقسمة التركة وتوزيع الحقوق.
وأوضح الأنصاري في لقائه مع «الأنباء» أنه قام بتأليف كتاب بعنوان «فقه المواريث» وقام بتدريسه لطلاب العلم أكثر من 10 أعوام، لافتا إلى أنه بصدد عرضه على دور النشر لطباعته حتى يعم به النفع، حيث حرص فيه على تقريب العلم وتبسيطه بضرب الأمثلة العديدة.
وأضاف أن أهم طرق استيعاب هذا العلم الجليل هو حفظه عبر الأشعار والمتون العلمية، كما دعا طلبة العلم أصحاب الأصوات الجميلة الى خدمة المنظومات العلمية عبر تسجيلها صوتيا، مشيرا إلى الفائدة الكبيرة التي استفاد منها الدارسون لعلم المواريث من شريط خالد الشليمي في متن الرحبية، وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن أهمية هذا العلم.. علم الفرائض والمواريث؟
علم الفرائض هو فقه المسائل المتعلقة بالإرث، والعلم بكيفية تقسيم التركة على الوارثين والوارثات، وما يتبع ذلك من معرفة قدر ما يجب لكل ذي حق من التركة، وهو علم عظيم، وقد روى الإمام أبو داود عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «العلم ثلاث، آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة، وما كان سوى ذلك فهو فضل».
لكن يلاحظ مع الأسف أن كثيرين من الناس قد هجروا هذا العلم، بل حتى كثير من طلاب العلم قد تركوا دراسته، أو أن بعضهم إذا قرأه في درسه مر عليه مرور الكرام، لذا نوصي طلبة العلم بأن يهتموا بهذا الجانب، خاصة أن هذا الباب من الفقه الخلاف فيه قليل، ومسائله بسيطة، وإنما يحتاج فيه الإنسان فقط لأن ينظر فيما كتبه الأولون.
ثم أيضا هذا العلم هو ما يميز أهل العلم عن سائر الناس، كما يقول ابن مسعود «من لم يتعلم الفرائض والطلاق والحج فبم يفضل أهل البادية؟»، ثم إن هذا العلم يبتلى فيه الكثير من الناس، ولذلك يقول الناظم «لولا الفرائض ضاع ميراث الورى وجرى خصام الولد والشيبانِ»، فلو تصورنا الآن أن الناس ليس لديهم هذا العلم، ولا يوجد من يفتيهم فماذا سيحصل للناس؟ سيحصل النزاع والشقاق وتدب الخصومة بينهم، لكن الله جل وعلا بلطفه فصل في هذا الأمر وأعطى كل ذي حقه حقه، وما على الناس إلا النظر في هذا العلم، وقد قال القرطبي عن آية المواريث في سورة النساء «هذه الآية ركن من أركان الدين، وعمدة من عمد الأحكام، وأم من أمهات الآيات، فإن الفرائض عظيمة القدر حتى انها ثلث العلم، وروي نصف العلم، وهو أول علم ينزع من الناس وينسى»، وقال ابن عيينة «إنما قيل له نصف لأنه يبتلى به الناس كلهم».
سبب التأليف
ولهذا أضع بين يدي القارئ الكريم هذا الجمع المتواضع من هذا العلم المبارك وهو علم المواريث، ولقد بذلت ما في وسعي لتقريبه للأذهان وللسامعين، بحيث إذا نظر الانسان فيه يكتشف أن حقيقة هذا العلم أسهل مما كان يتصور، فكما تعلم البعض يغلق على نفسه الطلب، فبمجرد أن يسمع أن علم الفرائض علم صعب أو أنه بحر غزير فينصرف عنه ويهجر حتى مجرد الاطلاع عليه، وإذا مرت على آذانه بعض فتاوى الفرائض لا ينتبه اليها، لأنه يرى في نفسه انه بعيد جدا عن هذا العلم، وهذا تصور بلاشك غير صحيح، ولتسهيل هذا الفن أكثرت في الكتاب من ذكر الأمثلة على كل نقطة ليسهل فهمها، وكما قيل بالمثال يتضح المقال، وهي مأخوذة من عدة كتب لعلماء أفاضل وأخص بالذكر صاحب كتاب علم الميراث مصطفى عاشور، وأتممت كتابته في يوم السبت الثالث من شعبان 1417 هـ الموافق 20-7-1996، فهي إذن رسالة قديمة اكتفيت بتصويرها ونسخها أثناء تدريسي لها أكثر من عشرة سنوات، ولم أعرضها على دور النشر، لكنها ستطبع قريبا وترى النور في أقرب وقت ممكن.
في كتب الأولين كفاية
لكن ألا ترى أن كتب الأولين فيها كفاية حيث شملت العلوم كلها بأنواعها وشتى مجالاتها؟
لاشك أن ما قلته صحيح، بل بالعكس أنا أميل إلى هذا القول، فالعلماء في تأليفهم لكتبهم ما تركوا شيئا، ففي كل فن ألفوا فيه، وهو رأي شيخنا الشيخ عبدالرحمن عبدالصمد رحمة الله عليه، وأذكر أني سألته ذات مرة وكان مقلا في التأليف، لماذا بالكاد ما نجد لك مؤلفات؟ فكان يقول رحمه الله «فيما ألفه الأولون كفاية»، نعم كفاية، لكن في بعض الأحيان يجد الإنسان في نفسه انه يريد ان يعرض هذا الأمر بطريقة أسهل في ظنه هو، فان ابن حزم رحمه الله يرى مثلا ان اسباب التأليف تعود الى 10 اسباب، وان كنت ارى انها قد تكون اكثر، فالبعض مثلا يريد ان يجمع في هذا المؤلف عدة متون علمية، وهذا يريد ان يجمع فوائد عديدة من كتب، وذلك يريد ان يشرح، وهكذا، فلذلك انا اقول ان هذه المؤلفات الجديدة لاشك انها نافعة ونفع الله بها، لكن يبقى أن الاولين قد احتوت كتبهم كل المسائل، ومن يأتي بعدهم انما يأخذ من فوائدهم ويقوم بعرضها او يقرب ما قالوه في رسائل بسيطة او اوراق بسيطة.
قليل الخلاف
ذكرتم في معرض حديثكم أن علم المواريث من العلوم التي قل فيها الخلاف الفقهي فما السر في ذلك؟
بحسب دراستي له لم أجد الخلاف كثيرا، إلا في بعض المسائل، كمسائل الجد مع الإخوة، أو ما تسمى بالحمارية ومسائل أخرى بسيطة جدا، لكن يبقى الغالب في أحوال الاب والام والزوجين أنها واضحة قليلة الخلاف، كما قد يكون من أسباب قلة الخلاف في هذا الفن وضوح الأدلة من الكتاب والسنة، إضافة انها إلى رحمة من الله لخلقه حيث لم يكن هناك خلاف كبير في أمور التركة وقسمة المال، وإلا لحدث الشقاق والقطيعة بين افراد الأسرة الواحدة.
الأمثلة والأشعار
البعض يرى أن دراسة علم الفرائض فيها صعوبة وعسر فما نصيحتك للتغلب على هذه الصعوبة؟
لابد ان يقسم الدارس دراسته الى مراحل، ويأخذ عليها الأمثلة ويكثر منها قدر المستطاع، ولذلك في عرضي في هذه الرسالة بدأت ببيان أصحاب الفروض بعد ذكر المقدمة والتعاريف وبيان والفرائض وما يتعلق بالتركة ومن هم الوارثون، ذكرت احوال الأب فقط، فالأب له 3 أحوال ذكرتها وبدأت بها، فلا يمكن للأب أن يخرج عن هذه الأحوال الثلاثة، فهي سهلة اذا حصرها طالب العلم، فإما ان يأخذ السدس او السدس والباقي واما بالتعصيب يأخذ الباقي، فالأب إذن لن يخرج عن هذه الأحوال، وكذلك الحال مع الأم، ثم انتقل إلى أحوال الزوج والزوجة، فللزوج حالتان، وهكذا الابنة والإخوة والجد.
وأيضا من أراد دراسة هذا العلم وتثبيته وترسيخه فعليه بحفظ الأشعار والمنظومات التي نظمت في هذا العلم، فأظن انه لن ينسى هذا العلم بعد ذلك، فان الشعر يسهل حفظ هذه المسائل، وكانت عادة طلاب العلم والعلماء في السابق أنهم يركزون على حفظ المنظومات العلمية أو حفظ العلم بأدلته أو بأمثلته أو بالأشعار.
مناشدة للشليمي
ما أشهر المنظومات الشعرية والمتون العلمية واكثرها فائدة في هذا المجال والتي تنصح بحفظها؟
أول هذه المتون وأشهرها متن الرحبية في علم المواريث والفرائض لمؤلفها الإمام موفق الدين أبي عبدالله محمد الرحبي رحمه الله تعالى، وقد قام بشرحها عدد من العلماء، وهي سهلة الحفظ.
وبالمناسبة هناك شريط انتشر بين طلبة العلم قبل سنوات لأخينا خالد الشليمي يقرأ فيه منظومة الرحبية بصوته الجميل، حتى ان كثيرا منهم حفظ المتن من هذا الشريط الذي سهل لهم الحفظ عبر استماعه عدة مرات في السيارة أو في البيت، وقد التقيت الأخ خالد يوما من الأيام وحدثته عن أصداء شريطه وأخبرته أنه بعمله هذا قد قام بتسهيل متن الرحبية لكثير من الناس، وتقريب هذا العلم الذي لا يكاد ينظر فيه الا النادر من الناس، بل حتى الشباب والأولاد الصغار كثير منهم حفظ الكثير من أبيات متن الرحبية بمجرد سماعهم للشريط، لذا أقول للأخ وقد وهبه الله صوتا جميلا في القراءة انه «لو قرأ أيضا بعض المتون العلمية الأخرى لنفع الله بها، وهذا الطلب اعتبره رسالة من خلال جريدتكم «الأنباء» لأخينا خالد، نسأل الله أن ينفع به المسلمين».
قارئ للقرآن
الخالدي: حفظي للقرآن الكريم ساهم في تحسين مستواي الدراسي ومعرفة التفسير وسيلة جيدة لمراجعة وتثبيت الحفظ والمسابقات تفرز دافعاً للتنافس على الخير
أكد القارئ محمد الخالدي أهمية مراجعة القرآن على شيخ مقرئ يصحح التلاوة ويشير إلى المتشابه من القرآن، كما أكد أهمية المشاركة في مسابقات حفظ القرآن الكريم التي توفرها مشكورة القطاعات العامة والخاصة في الكويت.
وأوضح الخالدي في لقائه مع «الأنباء» أن المسلم إذا أحسن تقسيم وقته فسيجد الوقت لقراءة القرآن ولدراسته، لافتا إلى أهمية أن تخصص للقرآن الأوقات الذهبية بعد صلاتي الفجر والعصر.
كما شكر مجهود إدارة شؤون القرآن في وزارة الأوقاف لاهتمامها الكبير بالحفّاظ، خاصة المشاركين في المسابقات الدولية، مبينا أن المسابقات تسهم في خلق جو تنافسي شريف بين حفاظ القرآن، وفيما يلي نص الحوار
حدثنا عن بداياتك في حفظ القرآن الكريم، وكم كان عمرك حين أتممت حفظه؟
بداياتي كانت أن التزمت مع حلقة وزارة الأوقاف في المسجد المجاور للبيت، وذلك بعد اقتناعي بأن ملازمة القرآن هي أهم وسيلة تثبت المسلم على الدين والصلاح، وكان مشرف الحلقة آنذاك مؤذن المسجد الشيخ هلال عبدالعاطي، حيث كنت أقرأ عليه يوميا بعد صلاة العصر، فقد كنت أقوم بحفظ ربع حزب من القرآن يوميا أي ما يعادل صفحتين ونصف الصفحة من المصحف الشريف، أقرأه أكثر من مرة وأحفظه مع نفسي، ثم أعرض حفظي على الشيخ كخطوة أخيرة، وبهذه الطريقة حفظت القرآن في أقل من سنة وأنا لم أتجاوز الـ16 من عمري.
تحسين المستوى الدراسي
نفهم من كلامك أنك حفظت القرآن قبل الثانوية العامة، فهل أثرت عليك ملازمة الحلقة يوميا على مستواك الدراسي؟
أبدا بل العكس تماما، فأنا أرى ان القرآن الكريم اعانني جدا في تحسين مستواي الدراسي، عبر توسيع المدارك وتقوية ملكة الحفظ، فبعد حفظ القرآن هانت علي بقية المقررات الدراسية بحمد الله، فهناك مواد معينة تعتمد كثيرا على القرآن الكريم كالتربية الإسلامية ومادة اللغة العربية وغيرهما.
مراجعة القرآن
البعض يجعل من مراجعة ما حفظ من القرآن «مطب»، فتجد كثيرا من الناس يحفظ القرآن ثم يكسل عن عملية المراجعة، فما رأيك في ذلك؟
لابد للحافظ أن يلتزم المراجعة ويتعاهد القرآن، ويحاول أن يربط نفسه مع المشايخ، خاصة أن الإنسان إذا اعتاد المراجعة مع نفسه ولوحده فقد يكسل عنها أو تضعف همته ويصيبه الفتور من حيث لا يدري، فأنا شخصيا قد ربطت نفسي مع عدة مشايخ، بالإضافة إلى صحبة الصالحين، أقرأ وأراجع عليهم ما أحفظ، كما اعتدت على مراجعة جزأين من القرآن يوميا تزيد ولا تنقص.
الفجر والعصر
حدثنا عن كيفية تنظيم وقتك في قراءة القرآن؟ وما هي أنسب الأوقات للمراجعة والحفظ؟
اعتدت مراجعة القرآن بعد صلاة الفجر، وهو وقت لا أفوته، وكذلك بعد صلاة العصر، فهذان الوقتان مهمان لكل حافظ للقرآن، فالقرآن لا يعطى من فضول الوقت، فبعضهم تراه يقول «وقت ما أفضى أقرأ وأراجع»، لا بل عليه أن يخصص للقرآن وقتا مناسبا لا يتخلف عنه ولا يفرط فيه، فيختار وقتا يكون فيها الذهن صافيا غير مشغول أو تعب كبعد الفجر والعصر.
قراءة التفسير
ماذا بعد حفظك للقرآن الكريم؟
مازلت مرتبطا مع المشايخ أقرأ عليهم وأصحح تلاوتي، وأنا حريص على أخذ السند من عدة مشايخ، لكن اهتمامي الأكبر حاليا هو قراءة التفسير مع نفسي والمشايخ لأن غاية قراءة القرآن هي التدبر، كما ان معرفة التفسير تعتبر ايضا وسيلة جيدة لمراجعة وتثبيت الحفظ.
حدثنا عن المسابقات في حفظ القرآن التي شاركت فيها وعن أهميتها وأثرها عليك؟
هذه المسابقات تعين على حفظ القرآن اكثر، فهي تخلق دافعا للتنافس على الخير اكثر، خاصة انه هذه المسابقات تركز على المتشابه في الآيات والأمور الفنية في القراءة مما ينعكس إيجابا على المشارك في المسابقة، حيث ترسخ عنده المعلومة والفائدة فلا ينساها، كما يجب ألا ينظر للجانب المادي فقط، وعن تجربتي الشخصية في المسابقات فقد شاركت في مسابقة الأمير العام الماضي في فئة 10 أجزاء وحصلت على المركز الثاني، وكذلك مسابقة الخرافي وحصلت فيها على المركز الأول، وفي هذا العام شاركت في مسابقة مبارك الحساوي فئة 15 جزءا وحصلت على المركز الأول أيضا، وأما على الصعيد الدولي فقد شاركت في مسابقة مصر العام الماضي وحصلت على المركز الخامس وهو مركز جيد كتجربة أولى لي حيث رأينا المنافسين من أقطار الدول الإسلامية والتقينا بالمشايخ الكبار عبر لجان الاختبار.
وفي هذه المناسبة أحب أن أوجه رسالة شكر إلى إدارة شؤون القرآن في وزارة الأوقاف لاهتمامهم الكبير بالحفاظ، خاصة المشاركين في المسابقات الدولية.
صفحات نوافذ الأنباء الرمضانية كاملة في ملف ( pdf )