حاتم بن عرفة نجح في إقناع مدربه ديشان بالسماح له بالصيام
من الملحوظ في الآونة الأخيرة تزايد تمسك لاعبي كرة القدم المسلمين سواء في أندية عربية أو غربية بصيام شهر رمضان المعظم، رغم وجود فتاوى تجيز لهم الإفطار في المباريات الرسمية باعتبارهم أجراء، وأن هذه المباريات هي عملهم الذي تستدعي ظروفه الإفطار.
ويعتبر لاعب الكرة الفرنسي ذو الأصول التونسية حاتم بن عرفة والذي يلعب حاليا لصالح نادي مرسيليا ومنتخب فرنسا في مركز الجناح الأيسر من أبرز اللاعبين الصاعدين الذين حققوا نجاحات كبيرة في المواسم الماضية، وهو من أبرز اللاعبين المسلمين الملتزمين بصيام شهر رمضان رغم بعض الفتاوى التي تتيح له الافطار. ووضع نادي «أولمبيك مرسيليا» لشهر رمضان الكريم نظام تمارين خاصا.. ففي البطولة الفرنسية التي يوجد فيها أكبر عدد من اللاعبين المحترفين المسلمين، دفع شهر رمضان نادي «أولمبيك مرسيليا» إلى التأقلم من خلال «نظام تمارين خاص» مع صيام ثلاثة من أبرز لاعبيه هم: اللاعب التونسي الأصل الفرنسي الجنسية حاتم بن عرفة والسنغالي مامدو نيوغ والنيجيري تاي إسماعيل تايوي. وقال ديدييه ديشان مدرب مرسيليا في تصريحات لصحيفة «ليكيب» الفرنسية: «هذا موضوع حساس بالنسبة إلينا (صوم رمضان)، ونقوم بمشاورات مع الجهاز الطبي للفريق لبحث الأمر، سعيا للتأقلم مع حاجة كل لاعب ورغبته». وتابع: «لست هنا لفرض أي شيء على اللاعبين، فمعتقداتهم الشخصية يجب احترامها»، مضيفا: «لكن مما لا ريب فيه أن رمضان يمثل مشكلة للرياضيين المحترفين، إذ من الصعب البقاء دون أكل وشرب خلال ممارستهم رياضاتهم».
وإذا كان مدرب «مرسيليا» أكثر تفهما لصيام لاعبيه، ففي الجهة المقابلة كان مدرب نادي «باريس سان جرمان» الباريسي أكثر حزما، حيث قال: «بالنسبة لأيام التمارين العادية لا يمثل الأمر بالنسبة لي أي مشكلة، غير أنه في أيام المباريات فإن الصيام أمر ممنوع، والذين يريدون الصيام يوم المباراة عليهم البقاء في منازلهم أفضل». وأضاف المدرب «أنطوان كامبوري»: «يجب عدم المساس بصحة اللاعبين (الصائمين) ولا أراهن على نتائج الفريق عن طريق إشراك لاعبين لا يقدرون على أداء واجبهم فوق الميدان بسبب الصوم».
تونسي مسلم
ولأنه من أصول عربية مسلمة يعاني بن عرفة من بعض الصعوبات بسبب صوم رمضان لكنه نجح في إقناع مدربه بضرورة الالتزام بفرائض دينه الإسلامي. وبن عرفة من مواليد 7 مارس 1987 بباريس وهو خريج أكاديمية نادي ليون للناشئين وانضم إلى صفوف الفريق الأول في موسم 2004/2005 وشارك في أول مباراة رسمية له في بطولة الدوري في مواجهة نيس في افتتاح ذلك الموسم بينما سجل هدفه الأول في موسم 2006/2007 في مرمى سيدان قبل نهاية الشوط الأول مانحا الفوز لفريقه بنتيجة 1 ـ 0.
وأصبح لاعبا أساسيا في مركز المهاجم المتأخر ولكن المدرب ألان بيران قرر تحويله إلى مركز الجناح الأيسر. وفي 28 يونيو 2008 أكد نادي ليون أنه تسلم عرضا رسميا من مرسيليا للتعاقد مع بن عرفة ولكنه اضطر لرفضه. بعدها صرح بن عرفة إلى صحيفة بروفينس الفرنسية في 29 يونيو رغبته في الانتقال إلى مرسيليا وعدم العودة إلى ليون اعتبارا من 30 يونيو. وذكرت صحيفة بروفينس ان بن عرفة نفذ تهديده بعدم الحضور إلى التدريبات ونتيجة لذلك اضطر مسؤولو ليون إلى الموافقة على إتمام الصفقة بقيمة 20 مليون يورو بعد تدخل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم.
وبسبب الخلافات التي حصلت أثناء إتمام الصفقة قال بن عرفة لصحيفة بروغريس ان مسؤولي ليون يفتقرون إلى السلوك الحسن ونادي ليون ليس ناديا كبيرا. وسجل بن عرفة أول هدف لصالح فريق مرسيليا في مرمى نادي رين في المباراة التي انتهت بالتعادل الإيجابي 4 ـ 4. وعلى مستوى المنتخبات استطاع بن عرفة تسجيل 16 هدفا في 22 مباراة مع منتخب فرنسا للناشئين تحت 17 سنة قبل بدء بطولة كأس الأمم الأوروبية للناشئين تحت 17 سنة التي استضافتها فرنسا واستطاع بن عرفة مع نجوم جيله أمثال جيريمي مينيز، كريم بن زيمة، وسمير نصري تحقيق 5 انتصارات متتالية ليتوجوا بلقب البطولة.
يذكر ان بن عرفة سجل 3 أهداف في هذه البطولة في مرمى منتخبات أيرلندا الشمالية، تركيا، والبرتغال. وكانت الجامعة التونسية لكرة القدم قد عرضت على بن عرفة الانضمام إلى صفوف منتخب تونس الذي كان سيشارك في نهائيات بطولة كأس العالم 2006 الذي أقيم في ألمانيا ولكنه رفض العرض مفضلا محاولة المشاركة مع منتخب فرنسا. وعلى الرغم من ان بن عرفة كان قانونيا يصلح للمشاركة في بطولة كأس الأمم الأوروبية للشباب تحت 21 سنة 2009 إلا أنه شارك في مباراة واحدة فقط أمام منتخب رومانيا وانتهت بالتعادل الإيجابي 1 ـ 1. وقرر مدرب منتخب فرنسا ريموند دومينيك استدعاء بن عرفة للانضمام إلى صفوف المنتخب في 10 أكتوبر 2007 أمام منتخبي جزر فارو وليتوانيا ضمن تصفيات يورو 2008.
وشارك بن عرفة بديلا عن فرانك ريبيري في 13 أكتوبر في مواجهة منتخب جزر فارو وسجل الهدف الأخير لتنتهي المباراة بفوز منتخب فرنسا 6 ـ 0. على الرغم من ذلك فقد استبعد دومينيك بن عرفة من المشاركة في يورو 2008.
تحفل الملاعب في أوروبا بالعديد من اللاعبين المسلمين الذين يقدم بعضهم صورة طيبة للدين الإسلامي في البطولات الأوروبية، ويعتبر بعضهم سفراء مشرفين للإسلام عن طريق التزامهم وتمسكهم بتعاليم وفرائض الدين، وابتعادهم عن التورط في فضائح جنسية أو إدمان للخمور والمخدرات بجانب تبرعاتهم للفقراء والمرضى ومساهماتهم في أعمال الخير. وخلال شهر رمضان الكريم تقدم «الأنباء» مسيرة 30 لاعبا مسلما في الملاعب الأوروبية كما نستعرض عاداتهم وتقاليدهم ومدى التزامهم بالدين بجانب تأثير الصيام عليهم خلال شهر رمضان، حيث نجد لاعبين يصومون وآخرون يفطرون، وقد يجبر البعض على الإفطار تجنبا لغضب المدرب أو لأي عقوبات من ناديه.