كتاب ومؤلف
الجاسم: لا حجة لأحد في جواز الخروج على الأئمة الظالمين لأن ذلك مخالف للكتاب والسنة
ابتليت أمة محمد صلى الله عليه وسلم بفرقة مارقة، جرت على المسلمين الويلات والنكبات تترا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفها «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.
وهذه الفرقة تخرج علينا برأسها في كل زمان، تخبو فتنتها أحيانا وتستعر أحيانا، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز كلما خرج منهم قرن قطع حتى عدها زيادة على عشر مرات كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم» رواه الإمام أحمد.
لكن من هم؟ وكيف هي صورهم؟ وما هي مظاهرهم؟ وكيف السبيل إلى اتقاء فتنتهم؟ وما هو الرد على شبههم التي تخاطب العاطفة وتغفل العقل وتستهوي قليلي العلم؟ هذه التساؤلات أجاب عليها الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية فيصل قزار الجاسم في لقائه مع «الأنباء» الذي تحدث فيه عن كتابه المسمى «حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ»، وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن سبب تأليفكم للكتاب وعن أهمية موضوعه؟
إن الناظر اليوم في أحوال المسلمين وفي بلادهم في طولها وعرضها، يجد أن فتنة اليوم التي عمت وطمت وجرت على المسلمين الويلات، والنكبات تلو النكبات هي فتنة الخوارج، الذين لا يألون جهدا في تفريق الأمة وتمزيقها، حتى تشتعل نارا وتلتهب سعيرا، كل ذلك زعموا نصحا للأمة وإنكارا للمنكر، أعاذنا الله من الفهم السقيم، فكان من نصح الأمة ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان انحراف هذه الفئة الضالة، والتحذير من سلوك دربها وطريقها، رغبة في دفع الشر والفساد، وطمعا في بلوغ المراد من الرجوع إلى دين الله كما نزل نقيا من شوائب الشرك ولوثات البدع، فأردت عبر هذه الرسالة ذكر بعض ما يعين على درء الفتنة، بمعرفة هؤلاء الخوارج وما ورد في ذمهم، وبيان علاماتهم وأقسامهم، وذكر تاريخ حركاتهم لمعرفة مآلات طرقهم ودروبهم.
منهج الكتاب
ما هو المنهج الذي سلكته في تناول هذا الموضوع عبر تصنيفكم للكتاب؟
جعلت الكتاب في 3 أبواب، الباب الأول، وهو القسم الشرعي، والذي فيه دراسة مختصرة عن الخوارج في السنة، وما يتعلق بذلك، وذكر أنواعهم وأقسامهم، وبعض ما يعين على رد شبهاتهم، والباب الثاني وهو القسم التاريخي، وفيه جولة مختصرة في أشهر حركات الخروج والثورات التي مرت في تاريخ المسلمين قديما وحديثا، ومعرفة عواقبها، وما جرت على المسلمين من النكبات لأخذ العبرة ولمعرفة الحكمة والمصلحة التي حرص الشارع على تحصيلها حين أمر بطاعة الولاة، والمفسدة التي حرص الشارع على دفعها حين نهى عن الخروج، ليزداد المؤمن إيمانا بحكمة الشارع وبعظم الخير في الاتباع، وأما الباب الثالث ففيه بعض مظاهر الخروج المعاصرة على ضوء ما سبق في القسمين الأولين.
إذن من هم الخوارج، وهل هم اقسام وانواع؟
الخوارج قسمان، القسم الأول هم الذين يخرجون على الأئمة بناء على اعتقاد فاسد كالتكفير بالمعصية، وهم الخوارج المارقة من الدين، كما في الحديث «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، او ببدعة اخرى مخالفة للسنة كحال عامة اهل الأهواء، وهؤلاء هم الذين ورد ذمهم في الأحاديث والترغيب في قتلهم، ووصفهم بأنهم كلاب النار، وانهم شر الخلق والخليقة.
والثاني هم الذين يخرجون على الأئمة طلبا للملك من غير اعتقاد، وهؤلاء هم البغاة وهم قسمان، الأول من خرج غضبا للدين ورغبة في ازلة المنكر، والثاني من خرجوا طلبا للملك فقط، وهؤلاء وان كانوا ليسوا كالنوع الأول في الذم، الا انهم ممن خالف الاحاديث النبوية الكثيرة الامرة بالصبر على جور الولاة.
معاصي الولاة
لكن ماذا ان تلبس ولاة الأمر بالمعاصي وظهر عليهم الفسق، هل يصح الخروج عليهم أملا في تغيير المنكر؟
الخروج على الولاة بالمعاصي طريق الخوارج، لأنهم أول من سن ذلك، وإن كان بعض الخارجين لا يكفرون بالمعاصي فهذا لا يمنع من لحوق الذم بهم لمخالفتهم الآثار، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم فيمن مات في خروجه بأنه مات ميتة جاهلية، قال القرطبي «والذي عليه أكثر العلماء أن الصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء وانطلاق أيدي السفهاء، وشن الغارات على المسلمين والفساد في الأرض»، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله «هذا دين الخوارج والمعتزلة، الخروج على ولاة الأمور، وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية».
لا حجة
لكن ثبت في التاريخ خروج بعض اهل العلم والفضل على الولاة بقصد الإنكار، فكيف يرد على من يحتج بهذه الحوادث التاريخية على جواز الخروج؟
لا حجة لأحد في جواز الخروج على أئمة الجور بما حصل من بعض أهل العلم والدين كخروج الحسين بن علي رضي الله عنه وأهل المدينة وسعيد بن جبير والنفس الزكية ونحو ذلك، وذلك لأمور أولها أنه لا حجة في قول أحد كائنا من كان في مخالفة الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة، وهذه من بديهيات هذا الدين وأبجديات معتقد أهل السنة والجماعة. ثاني هذه الأمور هو ثبوت رجوع كثير من أهل العلم والدين عن الخروج بعد أن شرعوا فيه أو كادوا، كما ثبت ندم بعضهم، الأمر الثالث أما من ثبت عنهم الخروج من أهل العلم والدين، فإنهم يقابلون بمن نهوا عن الخروج وحذروا منه ممن هم اجل واعلم واعظم قدرا في الإسلام.
مظاهر الخروج
لكن هل هناك مظاهر للخروج في عصرنا الحاضر ينبغي علينا أن نتفطن إليها ونحذر منها؟
لن نتمكن من البعد عن ركاب الخوارج ومن تجنب سلوك دربهم وطريقتهم إلا بعد كشف حقيقتهم ومعرفة مظاهر الخروج في هذه الأعصار، فمن هذه المظاهر الزهد في العلماء بعدم التزام فهمهم والاستقلال بالفهم دونهم، وهذا أصل كل فتنة وخروج، وأصل كل بدعة وضلال، فالثائرون على عثمان تركوا فهم الصحابة وطعنوا فيهم، ومثلهم الخوارج، وزادوا على ذلك أن كفروهم، وكذلك ما كان من أهل المدينة زمن الحرة وفتنة ابن الأشعث، وهكذا في عصرنا الحديث كفتنة حماة وجهيمان والجزائر والقاعدة، فكلهم اجتمعوا في الزهد من كلام العلماء وعدم اعتماد فهمهم، خصوصا فيما هم فيه من الأمر العام النازل، ولو أطاع الناس علماءهم ولم يعجبوا برأيهم لم تحصل فتنة ولا فساد، فإن من المهلكات كما في الحديث النبوي «إعجاب المرء بنفسه».
ومن هذه المظاهر ايضا تشييخ المتعالمين، ومن ليسوا بأهله ورفعهم الى مصاف العلماء وجعلهم قادة وائمة واضفاء الألقاب الكبيرة عليهم ترويجا لفكرهم وفتاواهم، فتغير أحكام الشريعة، ويهدم الدين، وتضيع المصالح وتكثر الفتن، وتستعر نارا كما هو الحال في ايامنا هذه، ومنها الطعن في الولاة والتشهير بهم في المجالس والاماكن العامة، ومن مظاهر الخروج ما يسمى بالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات، التي يراد بها الضغط على الحكومات والأنظمة لتحقيق المطالب، وهذا الأمر مما يسبب الفوضى ويوقع الخلل والاضطرابات، ومما يجرئ المفسدين على فسادهم وباطلهم، فتختلط الأمور وينتهي الأمر بخلاف ما بدأ به، وآخر هذه المظاهر هي التحزبات والتكتلات على غير منهج السلف، كمن يؤسس احزابا يخرج بها عن الجماعة والسلطان ويجعل الطاعة لحزبه دون ولاة امره، او ان يحزبه على نهج الرجال وآرائهم واقوالهم دون الكتاب والسنة.
قارئ للقرآن
المطيري: لن نعيش في الدنيا أكثر من مرة فلنستغلها في تحقيق ما يرضي الله بحفظ القرآن والعمل به
أكد القارئ أحمد تركي المطيري أن الصحبة التي تخلق الجو التنافسي الشريف كانت من أهم الحوافز التي دفعته لإتمام حفظ القرآن الكريم كاملا، مشيرا إلى أنه التزم طريقة الحفظ بالسماع للقراء الكبار لما فيها من نفع ملحوظ على قراءة المستمع لهم.
وأوضح المطيري في لقائه مع «الأنباء» ضرورة أن يلتزم القارئ شيخا متقنا يصحح من تلاوته ويزوده بالنصائح والتوجيهات التي يحتاجها، لافتا إلى أهمية أن يتخلق قارئ القرآن بالقرآن ويعمل بما جاء فيه ليكون حجة له يوم القيامة، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
في بداية اللقاء حدثنا عن بداياتك في حفظ القرآن الكريم؟
والدي هو الذي أرشدني وحثني للالتحاق بحلقة تحفيظ القرآن الكريم، فاستمررت بها فترة قصيرة، لكن مع بداية دخولي الجامعة بدأت بحفظ كتاب الله ـ عز وجل ـ بجدية، وكانت طريقتي التي سلكتها في ذلك هي عن طريق السماع بحسب نصح بعض الإخوة المختصين، ليمن الله علي بعد ذلك بإتمام حفظ القرآن كاملا في عام 2004، ثم التزمت حلقة الشيخ أنس الكندري وقرأت عليه ختمة كاملة عن طريق حفص وأخذت إجازة منه، كما وجدت منه الحرص على الطلاب عنده، وتعاهده بالنصح لهم، وكذلك أخذت إجازة من الشيخ محمد عبدالوهاب، ثم شرعت في قراءة القرآن بقراءة حفص عن طريق طيبة، ولكن لم أنته منها بسبب ظروف الدراسة.
هل حرصت على الإمامة في المسجد، خاصة وأن البعض يراها خير وسيلة لمراجعة القرآن؟
أنا حاليا إمام في مسجد الميلم في صباح السالم، حيث عينت مباشرة بعد تخرجي من كلية الشريعة في جامعة الكويت، وكما قلت فالإمامة خير معين لمراجعة القرآن وإتقانه، وذلك لكون الإمام عادة يراجع ما يحفظ لصلاة الفجر والتراويح والقيام.
هل لك مشاركات في مسابقات حفظ القرآن الكريم، وما أهميتها في نظرك؟
شاركت في عدة مسابقات محلية، كمسابقة الخرافي، وكذلك مسابقات دولية كمشاركتي في الأسبوع الثقافي لجامعات مجلس التعاون والذي مثلت فيه جامعة الكويت لفئة العشرة اجزاء، وبغض النظر عن الفوز والحصول على مراكز متقدمة فإن فائدة التقاء حفظة كتاب الله المتقنين والمشايخ المقرئين في لجان الاختبار لا تقدر بثمن.
طريق الحفظ
ماذا تقول لمن يريد حفظ القرآن الكريم وهو الآن في بدايات الطريق؟
أقول له ما قال الله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، وأوصيه بالدعــاء وسؤال اللـــه التيسير، فالله هو الموفق أولا وآخرا، وعليه أن يقرأ القرآن على شيخ متقن، خاصة الشيخ الذي يجد منه الحرص على الطالب، فإن فقده سأل عنه، ويتواصل معه وتعاهده حتى يتم حفظ كتاب الله عز وجل، وعليه أيضا أن يعلم الأجر العظيم الذي أعده الله لحافظ القران، وليتذكر أن هذه الحياة الدنيا لن يعيشها اكثر من مرة، فليحقق فيها ما يرضي الله عز وجل، ومما يرضي الله حفظ كتابه، وحفظــه سبيل العلم.
ما وصيتك لمن يهجر القرآن خاصة في مثل هذه الأيام من شهر رمضان شهر القرآن؟
أوصيه بأن يدعو الله ويستعين به، وأن يبدأ بما هو أسهل عليه، ويحرص ألا يشق على نفسه، فإن لم يكن اعتاد على قراءة القرآن في السابق فليقرأ الآن على الأقل وجها واحدا يوميا، خاصة في رمضان شهر القرآن، وليبدأ شيئا فشيئا حتى يشرح الله صدره لقراءة القرآن ويشعر بلذة التلاوة والتدبر.
الغامدي والمعيقلي
سمي لنا ثلاثة قراء تحب الاستماع اليهم كثيرا؟
أحب الاستماع إلى القارئ سعد الغامدي وناصر الغامدي وإمام الحرم المكي ماهر المعيقلي.
الفوزان وآل الشيخ
من من المشايخ والعلماء الذين تحب متابعتهم عبر الشاشة؟
العلامة صالح الفوزان، ومفتي المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ سعد الشثري أتابعهم باستمرار على قناة المجد الإسلامية.
وصية
نريد منك رسالة ونصيحة لحفاظ القرآن الكريم خاصة؟
أوصيهم أولا بتقوى الله ـ عز وجل ـ وطاعته والبعد عن معاصي الله، وأوصيهم أيضا بالعمل بما جاء في القرآن الكريم، فليس المقصود بالحفظ هو مجرد حفظ الآيات، ولكن المقصود هو تدبر المعاني ثم العمل بما في القرآن، وذلك بتصديق أخباره والعمل بأوامره والانتهاء عن نواهيه، وعليهم أيضا التخلق بالقرآن، فكما قالت عائشة رضي الله عنها في وصفها للنبي صلى الله عليه وسلم «كان خلقه القرآن»، كما أوصيهم بكثرة المراجعة، وإخلاص النية في حفظهم لا قصد الرياء والثناء.
صفحات نوافذ الأنباء الرمضانية كاملة في ملف ( pdf )