كتاب ومؤلف
الحاي: المحبة والألفة شاعت بين آل البيت والأصحاب والتاريخ يثبت أنه لم يحدث بينهم عداوات أو تكفير
أكد الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ حاي سالم الحاي على انتشار المحبة بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته رضي الله عنهم أجمعين، كما ثبت ذلك إسنادا وواقعا وتاريخا، مدللا على ذلك بما وقع بينهم من مصاهرة وزواج.
وأوضح الحاي في لقائه مع «الأنباء» حول كتابه «حصول الأبي في بيان المحبة بين الصحابة وآل النبي صلى الله عليه وسلم» أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لا يكن لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا التعظيم والتبجيل، مشيرا إلى أن معاوية كان يقر بأن عليا رضي الله عنه أفضل منه وأحق بالأمر منه بالخلافة، وأضاف أن حكاية أو رواية لعن علي لمعاوية، ولعن معاوية لعلي رضي الله عنهما لا تصح، لأنها روايات فيها لوط بن يحيى المعروف بأبي مخنف، وهو متروك الحديث، لافتا إلى أن التاريخ الإسلامي يثبت غير ذلك تماما، حيث كان الحسن والحسين يقبلان بهدايا ومنح معاوية لهما، وقد أتى الكتاب ببعض الشواهد والآثار التي تثبت العلاقة الوطيدة بين الآل والاصحاب التي حاول البعض تشويهها، وفيما يلي نص اللقاء:
حدثنا عن سبب تأليفكم لهذا الكتاب وعن أهمية موضوعه.
الحمد لله أن وفق جل وعلا أهل السنة إلى الالتزام بالعدل والإنصاف، فجعلهم شهداء بالحق بلا خلاف وامتراء، نطق الكتاب بهم وبه نطقوا، فهم لله الألباء الذين استناروا بهدي الكتاب والسنة الغراء مهتدون بهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، حريصون على إحياء سنته وطريقته، فهم وسط بين الفرق والطوائف في معتقدهم في الآل والصحب.
ومن فضائل الصحابة رضي الله عنهم أن انتشرت المحبة والمودة والمؤاخاة بينهم وبين آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشك مسلم صادق الإيمان في ذلك، بل يقر ويعترف بانتشار الألفة والمصاهرة والنسب بين الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم، ولا ينكر ذلك إلا من سفه نفسه، ولا أدل على انتشار المحبة بينهم من وقوع المصاهرة والزواج بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وآل البيت رضي الله عنهم أجمعين، كما ثبت ذلك إسنادا وواقعا وتاريخا، ومن يستطيع أن ينكر هذا؟ وكذلك آل البيت يتولون الصحابة ويحبونهم، فلا يجوز لمسلم أن يعتقد بأن هناك تقاطعا وكراهية، وشحناء بين الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم، لأن الله جل وعلا عصمهم من هذه الضلالة والزيغ، وذلك تحقيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة».
ولأهمية هذا الموضوع كان هذا الكتاب الذي أردت به التدليل على وقوع المصاهرة والنسب بين آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم، من كتب أهل السنة وغيرهم على حد سواء، ومن أفضل الكتب التي استعنت بها بعد كتاب الله عز وجل وكتب السنة، هو كتاب العقيدة في آل البيت بين الإفراط والتفريط للشيخ د.سليمان بن سالم السحيمي، ورسالة الشيخ السيد بن أحمد، وكتاب أعلام النصر المبين في المفاضلة بين أهلي صفين لعمر بن الحسين الكلبي.
محبة الآل لعثمان
هل تذكر لنا صورا وشواهد على حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه؟
الشواهد على ذلك كثيرة، منها أنه كان أول من بايع عثمان بن عفان على الخلافة بعد عبدالرحمن بن عوف هو علي بن أبي طالب كما روى البخاري، وقد كان علي رضي الله عنه مطيعا لعثمان رضي الله عنه مقرا ومعترفا بإمامته وخلافته، وقال علي «لو سيرني عثمان إلى صرار ـ وهي بلدة بعيدة ـ لسمعت»، ولما أراد الحسن بن علي الذود عن عثمان يوم اجتمع عليه الخوارج، وقال: «أخترط سيفي»، فقال عثمان: «لا أبرأ إلى الله إذن من دمك ولكن الثم سيفك وارجع إلى أبيك»، ولما استشهد عثمان رضي الله عنه كان يقول علي: «والله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله ولكني نهيت، والله ما قتلت عثمان ولا أمرت ولكني غلبت قالها ثلاثا».
لكن كيف كانت علاقة معاوية بن أبي سفيان مع علي وابنيه الحسن والحسين رضي الله عن الجميع؟
لم يكن من معاوية إلا تعظيم قدرهم، فهم آل البيت رضي الله عنهم، ومن ذلك ما رواه عبدالله بن أبي يعقوب، قال: كان معاوية رضي الله عنه إذا لقي الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: مرحبا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلا، ويأمر له بثمانمائة ألف، ويلقى ابن الزبير رضي الله عنهما فيقول: مرحبا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حواريه، ويأمر له بثمانمائة ألف، وكذلك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا يقبلان جوائز معاوية رضي الله عنه.
وقال الزهري، رحمه الله تعالى، لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية رضي الله عنه قال له معاوية: «لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك امرأة من قريش وأمه امرأة من كلب لكان لك عليه فضل، فكيف وأمك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم».
والأهم في ذلك أن معاوية رضي الله عنه كان يقر بأن عليا رضي الله عنه أفضل منه وأحق منه بالخلافة، فعن أبي مسلم الخولاني أنه جاء وأناس معه إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه والمطالب بدمه».
روايات مكذوبة
لكن ماذا عن حقيقة الروايات التي تقول بوجود التلاعن والسباب بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم؟
إن حكاية أو رواية لعن علي لمعاوية، ولعن معاوية لعلي رضي الله عنهما لا تصح، لأن فيها لوط بن يحيى المعروف بأبي مخنف، وهو متروك الحديث، بل الثابت في التاريخ الإسلامي غير ذلك تماما، ومن هذه الصور إنصاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن منع أحدا يسب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فكما جاء في الرواية «لما بلغ عليا رضي الله عنه أن اثنين من أصحابه يظهران شتم معاوية رضي الله عنه ولعن أهل الشام أرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما، فأتيا وقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى ورب الكعبة المسدنة، قالا: فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين، ولكن قولوا: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأبعدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي من لجج به».
المصاهرات بين الآل والأصحاب
أوضحتم في كتابكم وجود الألفة والمودة بين آل البيت والصحابة ودللتم على ذلك بوجود المصاهرة بينهم، فهل تضرب لنا أمثلة على ذلك؟
صور المصاهرة كثيرة ومتعددة، فهناك تزاوج ومصاهرة بين أهل البيت وآل الخطاب، وبين أهل البيت وبني أمية، وبين أهل البيت وآل الزبير، وكذلك بين أهل البيت وبني العباس، لكني سأكتفي بذكر بعض من الأمثلة على المصاهرة بين آل أبي بكر الصديق وآل البيت، فقد تزوج الحسن بن علي بن أبي طالب من حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وكذلك تزوج الإمام الفقيه محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب من أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وولدت له جعفر الصادق، وأيضا فإن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي رضي الله عنهم تزوج من عائشة بنت طلحة بن عبيدالله وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق.
فليتق الله
هل من كلمة أخيرة وخلاصة لما تضمنه كتابكم من معان؟
أردت بهذه الرسالة تبيين شيوع المحبة وانتشار المودة والألفة بين الصحابة وآل بيت النبوة رضي الله عنهم، فلم يحدث بحمد الله تعالى حسد وحقد وتكفير بعضهم بعضا، وإن حدث شيء من الهنات أو الاختلافات فهذا مما جبل عليه البشر، فهم بشر يغضبون ويتأثرون، لكن هذا لا يخرجهم إلى حد التباغض والشحناء، وإن حدث شيء من هذه الخلافات فسرعان ما تعود المسامحة والعفو بينهم، وحاشا الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم أجمعين أن تنشر بينهم العداوات والطعونات والسباب والشتائم.
فليتق الله أناس يثيرون هذه الفتن ويؤججون هذه المحن فإن هذا مما يغضب الله جل وعلا ويخالف هدي وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأرجو في الختام أن ينفع الله بهذا الكتاب وأن يكتب لي القبول والإخلاص فيه.
قارئ للقرآن
الشومر: القراءة على المشايخ الكبار تختصر مشوار حفظ القرآن مجوداً ومتقناً.. والتعجّل في ذلك يورث حفظاً ركيكاً غير راسخ
أكد القارئ محمد جمال الشومر على أهمية قراءة القرآن على يد شيخ حافظ متقن ينصح تلامذته ويصحح من تلاوتهم ويختصر عليهم مشوارهم في حفظ القرآن، محذرا من التعجل في الحفظ الذي لا يورث سوى حفظ ركيك غير متقن، ومطالبا بالتأني والتؤدة في قراءة القرآن حتى يرسخ في ذهن الحافظ.
كما أشاد الشومر في لقائه مع «الأنباء» بمشروع الإمامة في الصيف لطلبة كلية الشريعة التي تبنته في السابق وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكذلك مشروع الإمامة في صلاة التراويح في المسجد الكبير لحفظة كتاب الله من الشباب الكويتي، مطالبا الأوقاف بإعادة طرح المشروع مرة أخرى والاستمرار عليه لما فيه من إشراك الشباب في تحمل الدعوة إلى الله، علاوة على إسهامه في مراجعة محفوظاتهم من القرآن الكريم، وفيما يلي نص الحوار:
ما الأسباب والحوافز التي دفعتك لحفظ القرآن الكريم؟
بداية أحمد الله تعالى على توفيقي لحفظ كتابه، فقد حبب إليّ القرآن الكريم منذ الصغر، فكنت أشارك في حلقات التحفيظ التي أسهمت كثيرا في ملازمتي ومعاهدتي للقرآن، فحفظت جزء عم بداية، وكان خالي هو أكثر من شجعني على ذلك، حيث كان يصطحبني معه دائما ليعرفني على أصدقائه المستقيمين من الصحبة الصالحة، كما حببني في كلام الله وكان دائما ما يسمعني أشرطة القرآن بصوت محبب اليّ وهو صوت الشيخ محمد أيوب، ومازلت أذكر الشريط وهو في جزء عم ومازالت في مخيلتي سورة التكوير خاصة ولم أنساها، حيث كان خالي يرددها مثل قراءة الشيخ وكنت أردد ورائهما، وهكذا كانت هذه هي البذرة الأولى، ثم بعد ذلك تتدرجت بمستوى الحلقات إلى ان تعرفت على شيخينا الشيخ محمود الخفاجي الذي هو بمنزلة الأب، وبدأت معه حفظ القرآن الكريم بتجويده وأحكامه الى أن ختمت عليه.
لا تتعجل
بماذا تنصح إخوانك المقبلين على حفظ القرآن وما وصاياك لهم؟
أنصح اخواني قبل البدء في حفظ كلام الله أن يخلصوا النية لله ـ عز وجل ـ وأن يحتسبوا الأجر في ذلك ولا يطلبوه شهرة ولا رياء ولا سمعة، فإن هم فعلوا ذلك وفقهم الله لنيل هذه الغاية والمطلب، وكذلك أنصحهم بالقراءة على المشايخ والحفظة المتقنين لأن ذلك يختصر عليهم المشوار، ويجعلهم متقنين لكتاب الله، أما ما نراه في هذه الأيام وهو ذهاب كثير من الأخوة للبرامج المكثفة وحفظ القرآن في شهر وشهرين فهذا مدعاة للوقوع في الأخطاء وعدم الإتقان، وأخيرا أقول لأخواني لا تستعجلوا على ختم القرآن فانكم ان تتقنوا القرآن في خمس سنين خير لكم من أن تحفظوه فقط في سنة دون اتقان.
لكـن حدثنا عن طريقتك الشخصية في حفظ القرآن؟
طريقتي هي حفظ وجه في اليوم ثم بعد ذلك تسميعه للشيخ، وفي اليوم الثاني أحفظ وجها آخر مع مراجعتي للوجه السابق، فكلما حفظت وجها راجعت الأوجه التي قبله الى أن أختم السورة فأراجعها كاملة للتثبت، ولكن بعض الفترات تكون الهمة عالية فيزيد الحفظ عن الوجه، لكن أهم شيء ألا يقل الحفظ عن وجه، كما يجب أن أراجع ما أحفظـــه وأخصص لي في اليوم جزءا على أقل تقدير.
هل حرصت على أن تتوج حفظك للقرآن الكريم بالحصول على إجازة فيه؟
قد حصلت على اجازة من الشيخ محمود الخفاجي، وفي هذا الصدد أنصح جميع اخواني الذين اخذوا السند في القرآن أن يكثروا من المراجعة، وأن يتدبروا كلام الله تعالى وأن يعملوا به حق العمل واياهم والكسل.
مشروع الإمامة
مـا رأيــك فـي الـدور الــذي تقوم به وزارتا الأوقاف والإعلام في تشجيع حفظ كتاب الله تعالى؟
لهم منا كل احترام وتقدير حيث أنهم فتحوا لنا المجال للمشاركة في الإمامة حين كنا ندرس في كلية الشريعة، فحينما جاءت الإجازة الصيفية قدموا لنا مشروع الامامة في الصيف لشغل الهمم بمراجعة القرآن واستغلال الأوقات، فسارعنا للمشاركة وقبلنا في الوزارة لمدة 3 شهور، ومن بركات هذا المشروع أيضا أن رشحت للإمامة في المسجد الكبير لصلاة التراويح.
هل تقدمت لطلب التعيين كإمام في أحد مساجد الكويت؟ وهل ترى أن الإمامة عنصر معين لمراجعة الحفظ؟
أنا حاليا عازم على تقديم طلبي بالرجوع للإمامة ان شاء الله بعد رمضان، ومن هنا فإني أناشد الاخوة في وزارة الأوقاف أن يقدموا هذه المشاريع، التي تشجع الشباب على مزاولة الإمامة والأذان، وأن يكثروا منها، لأننا رأينا فيها الفائدة العظيمة في مراجعة القرآن والمساهمة في الأمور الدعوية في المساجد.
وصية لهاجر القرآن
ما وصيتك للهاجر للقرآن خاصة في مثل هذه الأيام من شهر رمضان شهر القرآن؟
أقول له قد حرمت نفسك من الخير الكثير، فجد واجتهد لقراءته، فان فيه اللذة الأبدية وفيه المنجاة الحقيقية، كما قال أحد الصالحين (في الدنيا لذة من لم يذقها لم يذق لذة الآخرة)، فأبرز وسيلة للشعور بهذه اللذة هي قراءة كتاب الله وتدبره، ونحن ان لم نقرأ كلام ربنا وخالقنا فلمن نقرأ فلذلك أوصي نفسي أولا وأوصي اخواني وأخواتي بكثرة قراءة كلام الله ـ عز وجل ـ وعدم إهماله بعد الانقضاء من هذا الشهر المبارك.
صفحات نوافذ الأنباء الرمضانية كاملة في ملف ( pdf )