لماذا أسلموا؟
الباحث الهولندي د.ميليما
حكايته مختلفة عن غيرها من الحكايات، إذ كلفه المعهد الملكي الاستوائي بأمستردام بإعداد دليل موجز عن الإسلام في جاوه، للاستفادة منه في عمليات التنصير، الا ان إرادة الله ـ عز وجل ـ كانت الأقوى.
ود.ميليما مستشرق معروف عمل في الخمسينيات من القرن الماضي رئيسا للقسم الإسلامي في المتحف الاستوائي في أمستردام، درس اللغات الشرقية في جامعة ليدن عام 1919 وتعلم اللغة العربية وأجادها، وقرأ تفسير البيضاوي للقرآن الكريم وتأملات الإمام أبي حامد الغزالي، وزار الأزهر ومكث في القاهرة شهرا كاملا عام 1921، وأجاد ـ الى جانب اللغة العربية ـ لغات أخرى مثل اللغة السنسكريتية، ولغتي الملايو وأهل جاوه، حيث تخصص في اللغة الأخيرة بعد أن درسها دراسة مكثفة لمدة 15 سنة.
وحكاية هدايته تبدأ عقب عودته من الأسر لدى القوات اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية عام 1946، إذ طلب منه المعهد الملكي الاستوائي ـ كما أسلفنا ـ إعداد دراسة عن الإسلام في جاوه.
وغيرت زيارته لباكستان في شتاء 54/1955 مجرى حياته، إذ تعرف ـ للمرة الأولى ـ على الإسلام في صورته الحقيقية، وعقد مقارنات بين الصورة كما قرأها وكما رآها، فوجد بونا شاسعا واختلافا جوهريا، وأدرك ان ما قرأه ـ من قبل ـ لم تكن له علاقة بالشريعة الإسلامية.
إذ اكتشف ان الإسلام يضع الفضائل الخلقية في المرتبة الأولى، فلا يكتمل إيمان المسلم إلا إذا تحلى بها، فالصلاة والصوم والزكاة وغيرها من ألوان العبادات ليست عبادة فقط، لكنها دعوة الى الفضيلة، ودعوة الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دعوة الى التمسك بالفضائل ونبذ كل ما هو سيئ.
لقد جعله شعب باكستان المسلم يدرك ـ من خلال سلوكيات أبنائه ـ أن الشريعة الإسلامية لم تأمر بشيء إلا وفيه صلاح الأمة ولم تنه عن شيء إلا لأنه يهلك الأمة ويثير فيها البغضاء.