كارلا بارتل من عالم السينما إلى رحاب الإيمان
لم يكن ينقصها شيء من متاع الدنيا ومتعها، إذ توافرت لها أسباب السعادة الدنيوية بصورها المختلفة، من جمال وصحة ومال وشهرة، فأينما سارت كان المعجبون والمعجبات يحيطون بها.
بالرغم من كل ذلك كانت الممثلة الألمانية كارلا بارتل تفتقد السعادة وتحس بأن شيئا ما ينقصها.
أحبت كارلا ـ منذ طفولتها ـ عالم السينما، وسبحت بخيالها نحو أضوائه المبهرة، متخيلة نفسها واحـــدة من نجومه الكبار.
وكانت سعادتها غامرة حين تحقق لها النجاح في عملها السينمائي، وصارت نجمة.
لقد كان عالم النجومية بصخبه عاملا مؤثرا في تنامي إحســاس كارلا بالضـــياع.
فكانت تحس أن نجاحها في السينما لم يحقق لها شيئا، بل ـ على العكس ـ زادها اغترابا عن ذاتها.. وهكذا وجدت نفسها تدور في حلقة مفرغة.
وصل النازيون بزعامة أدولف هتلر الى الحكم في ألمانيا، ومع وصولهم بدأت البلاد تموج بشعارات جديدة، أقل ما توصف به أنها لا إنسانية.
زادت أفكار النازية واختيارها الصليب المعقوف شعارا، من إحساس كارلا بالضياع.
جاءها الفرج من خلال أحد معارفها الذي توسط لدى الزعيم الإيطالي الفاشيستي موسوليني، وعن طريقه تمكنت من الحصول على إذن بمغادرة ألمانيا، حيث اتجهت الى تونس، ولاقت هناك مضايقات من الفرنسيين باعتبارها من رعايا عدوتهم اللدود، فتركتها الى مصر.
كان قدومها الى قاهرة المعز بداية انعتاق روحها، إذ وجدت روحها مشدودة الى صوت المؤذن وهو يرتفع داعيا المسلمين الى الوقوف في حضرة خالقهم، وأداء الصلاة، خفقت جوانحها وهي تنصت للمقرئ يتلو القرآن الكريم بصوت عذب، حقيقة انها لم تفهم ـ وقتها ـ ما يقوله لكنها استشعرت بقلبها ان هذا الصوت المفعم بالإيمان يقرأ كلام الله.