أحمد سيف: ما هي «سياسة الأمر الواقع»؟
هي تعمد تغيير الأوضاع بشكل عملي ومن دون مسوغ قانوني أو شرعي، عن طريق إحداث أو إنجاز أمر ما، يتعذر الرجوع عنه، أو إعادة الأمور الى ما كانت عليه، بهدف إرغام الطرف الآخر على الرضوخ لما يترتب على ذلك من نتائج وآثار.
تتنوع أشكال ممارسة سياسة الأمر الواقع في الحياة السياسية الداخلية والدولية الى درجة يصعب حصرها، الا انها غالبا ما تعتمد على المبادرة والتخطيط المحكم والقدرة والتهديد الضمني بالقوة، وتتطلب مواجهتها أو مقاومتها صفات مشابهة في الخصوم قد لا يتوافر جلها أو كلها، بحيث يصبح قبول الواقع الجديد أو التغاضي عنه الطريق الأسهل للأطراف المعنية، وقد تنجح سياسة الأمر الواقع في إضعاف قدرة الخصوم على المجابهة، الا ان ذلك قد يحفز هؤلاء الخصوم الى العمل على تغيير الظروف التي ساعدت الخصم على التمكن من المغافلة وفرض واقع جديد إما عن طريق تغييرات داخلية أو الدخول في تحالفات خارجية لتعديل موازين القوى.
ان فرض سياسة الأمر الواقع بشكل مستمر تأخذ أوضح أشكالها في المثال الصهيوني، لأن الصهيونية شقت طريقها في فلسطين من خلال سياسة أسماها مخططوها سياسة «خلق الحقائق» عن طريق الهجرة والاستيطان واقامة المنشآت والتحصينات والقوات المسلحة دون موافقة عرب فلسطين أهالي البلاد الشرعيين، بل وضد حقوقهم الشرعية ومطالبهم السياسية الصريحة، ومن خلال الفرض بالقوة، كما اتبع الكيان الصهيوني مثل هذه السياسة ضد الأقطار العربية المجاورة، وفي الأراضي المحتلة بعد الحرب العربية – الاسرائيلية الثالثة 1967.
والمعروف ان المانيا النازية اتبعت سياسة مشابهة سواء في تسليح نفسها أو في توسيع قواتها المسلحة واحتلال مناطق منزوعة السلاح، وذلك على خلاف التزاماتها التعاهدية الدولية، ثم احتلال أراضي الدول المجاورة بحجة حاجتها الى «المجال الحيوي» الا ان ذلك أدى في النهاية الى نشوء تكتل قوي ضدها ألحق الهزيمة الساحقة بها في الحرب العالمية الثانية.