لولوة حمد: ما هي رسالة الغفران؟
رحلة خيالية، كتبها أبوالعلاء المعري (ت 449 هـ، 1057م)، ردا على رسالة وجهها إليه علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح، يسأله فيها عن جملة من الأمور تتصل بالتاريخ والفقه والتصوف والأدب والنحو والسيرة النبوية والزندقة.
كان رد أبي العلاء على ابن القارح من شقين: الشق الأول هو الشق الخيالي، ويتصور فيه المعري ابن القارح في رحلة الى العالم الآخر على غرار أدب المعراج ووسمها بالغفران، لغفران الله سبحانه وتعالى لابن القارح وغيره من الشعراء زلاتهم وخطاياهم، والشق الثاني ينطوي على رد أبي العلاء المعري على المسائل التي تؤرق ابن القارح، وهي قضايا فكرية وعلمية وتاريخية ودينية، يبدي رأيه فيها ويتوقع ان يفيد من علم أبي العلاء فيها.
ورغم ان أبا العلاء يطلعنا مباشرة على موقفه من القضايا المطروحة والمعاصرة له في المعارف والفنون والعلوم في شق رسالة الغفران الثاني، إلا ان الشق الأول، وهو الرحلة الخيالية، الذي كُتب له الخلود، فأبوالعلاء يرد فيه على أسئلة ابن القارح والقضايا التي أثارها ردا غير مباشر، مازجا الجد بالسخرية لإبداء رأيه وبعض شكوكه في أهم قضايا عصره.
تظهر في رحلة ابن القارح ـ التي يتخيلها المعري ـ عوالم ثلاثة هي: أـ الصعود ب ـ زيارة الى الجحيم جـ ـ الجنة، وقد استفاد المعري من أدب الإسراء والمعراج ومصادره الأولى في القرآن والتفسير والحديث الشريف في إطار الرحلة ومضمونها وتفاصيلها، وخلال هذه العوالم الثلاثة يلتقي ابن القارح بشخصيات متعددة تمثل الشعراء والأدباء والنقاد والمفكرين، فيحاورهم مثيرا معهم طائفة من القضايا الفكرية والأدبية والنقدية والدينية.