لا تكاد تذكر الاندلس الاسلامية في كتب الادب والفن والتاريخ الا وتذكر معها مدينة طليطلة العامرة التي تعد من اهم مدن الاندلس واقدمها وأحد مراكز الاشعاع الحضاري التي افادت اوروبا وشهدت نهضة حضارية فريدة تحاكي في بديع نشاتها وتطورها تلك التي شهدتها شقيقتها قرطبة حاضرة الدولة الاموية.
وقد اعلنت طليطلة (توليدو بالاسبانية) موقعا تراثيا عالميا من قبل اليونسكو في عام 1986، حيث تعد عاصمة عالمية للتسامح والتالف والانسجام بين الثقافات الاسلامية والمسيحية واليهودية وعاصمة للعلم وحاضنة لمدرسة طليطلة للترجمة التي تعد ثاني اهم مدارس الترجمة بعد مدرسة «دار الحكمة» في بغداد والتي ادت دورا رائدا في نقل العلم ونشر المعرفة وترجمة مخطوطات بالغة الاهمية.
ويختلف المؤرخون في تاريخ نشأة المدينة، فيقول بعضهم انها كانت تسمى في اللاتينية «طولاطو» او «طليطلم» ومعناه متفق عليه وهو «فرح سكانها» وذلك لحصانتها ومنعتها.
وتقع طليطلة على بعد 75 كيلومترا جنوب غرب العاصمة مدريد وعلى بعد 320 كيلومترا شمال شرق قرطبة ووهبتها الطبيعة حصانة فريدة وموقعا استراتيجيا مهما حيث تتوسط شبه الجزيرة الايبيرية متربعة على هضبة صخرية ترتفع عن سطح البحر بأكثر من 500 متر يحيط بها نهر تاجة الكبير من ثلاث جهات فيما تحيط بها سلسلة جبال الشارات من الشمال وسلسلة جبال اوريتانا من الجنوب.
فتح المدينة المحصنة طارق بن زياد عام 711 ميلادي وازدهرت في عصر الخليفة عبدالرحمن الناصر لتكون احدى اكبر حواضر العالم الاسلامي وعنصرا فاعلا في معظم الاحداث التي شهدتها الاندلس رغم قصر فترة تواجدها في كنف المسلمين (711 - 1085).