في صباح خريفي وسماء زرقاء، يمسك فاديم فاجوبوف بعصا التحكم وترتفع المروحية في الهواء بلا مجهود كأنها مثل حشرة اليعسوب .
يغادر سريعا أبراج المكاتب الزجاجية وجسر بروكلين ورائه وهو يرتفع فوق نهر “ايسن ريفر” وخلال دقائق يظهر تمثال الحرية في المشهد أسفل المروحية، مثل قطعة الشطرنج الخضراء الصغيرة.
بالنسبة للألاف من زوار نيويورك، جولة في السماء مجرد جزء من البرنامج، وتمثل بضع دقائق فوق مانهاتن أبرز أحداث الجولة.
ولكن الجولات تثير غضب السكان، حيث تقع شرفاتهم في مسار رحلات المروحيات.
ويقول جون ديلابورتاس، الذي أسس جماعة “ستوب ذا شوب” لجمع شكاوى المواطنين ” هناك فيضان من التلوث السمعي اللا نهائي “.
ويدور الخلاف بين شركات السياحة و السكان وملاك المنازل منذ أعوام.
ووضع هذا الموقف العمدة بيل دي بلاسيو في موقف غريب. من ناحية فالعمدة يتحمل واجب حماية السكان المدنيين من التلوث السمعي، ولكن من ناحية أخرى من الصعب تجاهل إيرادات الجولات السنوية التي تبلغ 50مليون دولار.
في بداية العام الماضي، توصلت المدينة لاتفاق مع الشركات المشغلة للجولات: خفض الرحلات الجوية السنوية إلى 30ألف رحلة وفرض حظر تام أيام الآحاد.
وقال دي بلاسيو في ذلك الوقت ” الجميع قدم القليل للتوصل لهذه النتيجة، ولكن الحل سوف يعني مدينة أكثر قابلية للعيش فيها للجميع″.
ولكن بالنسبة لديلابورتاس ومجموعته، التي تضم 2000 من سكان نيويورك ونيو جيرسي، هذه الخطوة مجرد ” إجراء شكلي “.
ومازال يعني السماح ب 30ألف رحلة جوية أكثر من 60ألف رحلة ذهاب وإياب للمواطنين الذين يعيشون بالقرب من نهر هدسون، على طول مسار الرحلات.
هذا يعني متوسط 192 رحلة ذهاب وإياب في313يوما يتم السماح بتحليق الرحلات فيها ، كل ثلاث دقائق خلال يوم عمل لمدة عشر ساعات.
ودشنت المدينة صفحة للشكاوى للذين يريدون إنهاء الضوضاء المستمرة.
ولكن ألا يجب أن يتوقع الذين يعيشون في مدينة عالمية، ويبلغ تعدادهم 5ر8 مليون نسمة كمية معينة من الضوضاء؟.
وتقول هاني كارلسين السائحة الدنماركية، التي استقلت مروحية مع أسرتها للقيام بجولة بالمدينة ” هناك الكثير من الضوضاء بأي حال من الأحوال” مضيفة ” سيارات وحركة مرور وأعمال بناء، لا نرى فرقا”.
وتقول ماريا فاطيما جالو، القادمة من ميلانو، إن الجولة كانت” أفضل تجربة لها في نيويورك” وتحدثت بحماسة عن الابعاد والألوان والطبيعة من منظور عين طائر.
ويقول سام جولدستين، من مجلس رابطة سياحة المروحيات ومجلس جوبز إن قطاع السياحة ليس مسؤولا بأي حال عن شكاوى الضوضاء المتعلقة بـ 970مروحية، التي تلقتها المدينة هذا العام حتى بداية تشرين ثان/ نوفمبر الماضي.
وأشار إلى أن رحلات الشارتر والمروحيات الخاصة بالشرطة و والمستشفيات و الإعلام مسؤولة عن الضوضاء المستمرة في الأجواء.
وأضاف جولدستين” هذا العام لم يتم تسجيل أي رحلات لنا خارج الحدود القانونية”.
ولم تفصح الشركات المشغلة للرحلات عن أرباحها، ولكن جولدستين قال إنه من المرجح أنهم قاموا بزيادة أسعارهم منذ بدء تطبيق القيود.
وقال إنه بعد حظر التحليق فوق نهر ايست وفوق اليابسة ، أصبح النشاط” صعبا للغاية”.
كما زادت المنافسة حيث أن عددا أكبر من الشركات يقوم بتسيير رحلات من مناطق الإقلاع والهبوط القليلة المتبقية التي تم الموافقة عليها في الجزء الأدنى من مانهاتن.
وبالنسبة للذين على استعداد لدفع نحو 200دولار من أجل جولة في السماء لمدة15دقيقة، لا يعنى الخلاف كثيرا.
وفوق نهر هدسون، يستمع السائحون لفاجوبوف وهو يشير لمركز التجارة العالمي و مبنى امباير ستيت ومبنى كرايسلر و سنترال بارك، حيث تحظى هذه المعالم بسحر جديد عند رؤيتها من على بعد.
وعندما يهبط فاجوبوف بطائرته اليوروكوبتر ايه اس350بي 2 بخفة مثلما اقلع بها، يكون الركاب الآخرون في الانتظار بالفعل.