تعتبر الاستثمارات الخارجية أحد الروافد الرئيسية لاقتصاد متين تبنى على أساسها علاقات دولية متينة ومصالح استراتيجية مشتركة تعزز من مكانة الدولة، ولم تغفل الدولة طوال تلك السنوات عن تعزيز علاقاتها الخارجية ليس من خلال العلاقات الديبلوماسية وحسب وإنما أيضا من الاستثمارات الخارجية التي عززت من الصندوق السيادي للدولة.
إلا أن متابعة هذه الاستثمارات بصورة يغلب عليها الطابع الرسمي للتمكن من تحصينها من العبث هذه التي لا بد أن تتم إعادة النظر فيها لتتم متابعة الاستثمارات بدقة اكبر وحرص أكبر من الدولة.
فاليوم الجهة الرسمية المخولة بمتابعة استثمارات الدولة هي الهيئة العامة للاستثمار والتي لديها مكاتب في بعض الدول التي تمتلك الدولة استثمارات ضخمة بها، ولكن متابعة استثمارات دولة من الضروري أن تكون آلياتها مختلفة عن الآلية التي تدار بها استثمارات الأفراد والشركات الخاصة فتستطيع الشركات الخاصة أن تتابع استثماراتها الخارجية من خلال الملحق التجاري الذي يتبع وزارة التجارة لمتابعة شؤون الشركات الخاصة وحل المشاكل التي تعتري هذه الشركات.
ولكن استثمارات الدولة لا بد ان يتم استحداث منصب ملحق مالي يعين من وزارة المالية ويكون مقره في سفارة الكويت في كل دولة تمتلك فيها أصولا واستثمارات متنوعة، فتكون الوظيفة الرئيسية المنوطة بالملحق المالي والتي يعنيه القيام بها هي المتابعة والتدقيق والإشراف على عمل المكاتب الاستثمارية التابعة للهيئة العامة للاستثمار والاتصال بالجهات الرسمية بالبلد المستثمر فيه لتذليل المعوقات التي تواجه الاستثمارات الكويتية والعمل على تنميتها وإعطائها صفة الرسمية لصون الاستثمارات من العبث والتلاعب حين تكون هناك مراقبة رسمية فالمكاتب الاستثمارية مهمتها التدقيق والتعامل بصفة مباشرة مع الشركات والمصانع التي تساهم الدولة فيها، والملحق المالي تكون مهمته التدقيق على عمل المكاتب ومراجعة حسابات المكاتب الاستثمارية وإجراء الاتصالات وتذليل المعوقات التي تصادف استثمارات الدولة لدى الجهات الرسمية.
الكل يعرف أن الكويت بلد غني بالنفط ولكنه فقير صناعيا وفقير في المواد الخام التي تتطلبها الصناعات المختلفة، فعلى سبيل المثال حين نناشد لافتتاح مصانع في الكويت الكل يعول على العقبات التي تعترضه والتي غالبا ما تحمل الدولة مسؤوليتها حتى إن اكثر الصناعات التي تميل إليها الأغلبية والتي يفكرون فيها هي الصناعات النفطية والبتروكيميائية نظرا لتوافر المادة الخام، ولكن ماذا عن بقية الصناعات؟ الكل يعزف عنها بسبب افتقار الدولة للمواد الخام والتي تتطلب استيرادها من الخارج، وهذا ما دفع الدولة إلى المساهمة والدخول في الكثير من المصانع في الدول التي تتوافر فيها المواد الخام للتنويع من مصادر الدخل القومي للدولة والتي وجدت الدولة الأفضلية في دخولها شريكا مع المصانع الأم التي تتوافر بها المواد الخام بكثرة دون ان تكلف الدولة مبالغ طائلة لاستيراد المادة الخام.
بيد أن ذلك لا يمنع بالتأكيد من أن تكون هناك مصانع محلية يتم استيراد المواد الخام لها من الدول التي تتوافر فيها المادة الخام بأسعار زهيدة إلا ان ذلك الأمر يتطلب متابعة من الملحق التجاري.
وهذه من الضروري أن تكون مهمة الملحق التجاري بحيث توكل إليه مهمة التفاوض مع الدول لتوفير المواد الخام للصناعات المحلية للتجار لدينا حتى يتم التمكن من انعاش عجلة الصناعة في الكويت.
وبالتالي فإن توزيع الاختصاصات بين الملحقين المالي والتجاري بحيث يكون الأول معنيا بالإشراف والمتابعة على استثمارات الكويت القائمة لدى الدول ويضفي عليها الصبغة الرسمية بشكل اكبر، والثاني وهو الملحق التجاري تكون المسؤولية الأولى المنوطة به هي المساهمة في التفاوض مع الدول المنتجة لتوفير المواد الخام التي نحتاجها بكميات لصناعات الدولة المحلية المستقبلية.
عزة الغامدي