الإستراتيجية بمفهومها البسيط مرادفه للمنهجية والنظام المتبع وهي تنطوي على خطط قصيرة وبعيدة المدى أي انها تهدف لأمر ما وغالبا ما تسعى الإستراتيجيات الى تحقيق مصالح سواء كانت اقتصادية او سياسية أو دينية المهم انها دائما ما ترمي الى تحقيق هدف ما.
ولنأتي للحديث حول الإعلام وهنا لن أحدد مجالا إقليميا للإعلام بل الإعلام بمفهومه العام فهو غالبا ما يرمي الى إيصال رسائل قد تكون هذه الرسائل ترمي لخدمة مصالح شخصية او مصالح قومية وأحيانا يتم الدمج بين المصلحتين السالفتين فنجد أنها من جهة تحقق فائدة شخصية وفائدة قومية في الوقت ذاته.
وأحيانا أخرى يكون الإعلام بلا خطة وبلا استراتيجية واضحة أي يكون مجرد ناقل للخبر دون ان يكون مبنيا على أساس وقاعدة متينة لتحقيق غايات ومصالح وهذه نجدها غالبا في الدول النامية، حيث ان الدول العظمى لا تفكر كما يفكر البسطاء في الدول النامية بل غالبا ما يكون إعلامهم موجها لتحقيق غايات وليس فقط ناقلا للأحداث التي تدور حول العالم.
فنجد أن الإعلام لديهم بكل أوجهه سواء المقروء او المسموع أو حتى على مستوى الأفلام السينمائية غالبا ما تحمل في طياتها رسائل موجهة وهذه بالتأكيد لعبة العظماء أينما وجدوا فالريادة لا تعرف الراحة والسلام بل عمل دؤوب وخطط واستراتيجيات لتحقيق غايات في غاية الأهمية.
فقد تكون احدى تلك الغايات نبيلة وهي بث السلام حول العالم ودرء الفتن والحروب، وقد يكون على نقيض ذلك أي البدء بحرب إعلامية للوصول الى حرب حقيقية ترمي من خلالها الى إضعاف القوى المتنامية في بعض الدول التي لا ترغب القوى المسيطرة الحالية ان تقوم لها قامة قوية ومتينة حتى لا يتم السيطرة على القرارات وتبقى الزعامة في القوى المسيطرة الحالية.
فنجد أن الأزمات غالبا ما تبدأ بشرارة إعلامية تصريح قد يكون بسيطا ثم بعد ذلك يجر حربا إعلامية موجهة تجاه هدف محدد وغالبا ما تكون الاستراتيجيات الإعلامية التي من هذا النوع تقود الى قطع علاقات وحصار اقتصادي اي ضرر قد يقع على مجتمعات برمتها ويكون سببها تصريحا أو صورة أو رسما أدى الى التأجيج.
اليوم يمكننا أن نصنف الإعلام بهدفين هدف إصلاحي وهدف غير إصلاحي، فالأول يكون موجها بالدرجة الأولى الى درء الفتن والقلاقل فيعمل بدوره على تلطيف الأجواء الناتجة من خلال التراشق الإعلامي لإعادة الحوار والصياغة في التصريحات من التصعيد الى التهدئة وتلطيف الأجواء أيا كانت.
ويكون هذا الأمر ممكنا من خلال السؤال الموجه للمتخاصمين ومحاولة تسليط الضوء في التصريحات على ما هو إيجابي وليس سلبيا بحيث تنتقى العبارات التي تعمل بدورها على عدم التأجيج والاستفزاز بل تسعى الى التهدئة ومحاولة امتصاص بواعث ومسببات الغضب التي أحدثت الحرب الإعلامية.
ونظرا لما للإعلام من دور قوي ومؤثر في العالم على جميع الأصعدة فقد يكون ذلك الأمر دافعا لإعادة وضع القيود والضوابط على أوجه الإعلام الحديثة وهي وسائل التواصل الاجتماعي بحيث لا تكون خاضعة للرقابة في حالة المخالفة بل أيضا للرسائل المنبثقة من إعلامي السوشيل ميديا حيث ان البعض منهم عدد متابعيه يفوق عدد متابعي الإعلام التقليدي وهو ما له أثر وخطر كبير متى ما لم يتم وضع هذه القنوات تحت رقابة حقيقية، وقد يعتبرها البعض تقييدا للحريات ولكن الحرية الشخصية مختلفة تماما عن الحرية الإعلامية نظرا لأنهم يوجهون رسائل وخطابا لجمهور عريض، وبذلك فلا بد ان يتم توجيه هذا الخطاب بما لا يؤثر سلبيا في المستقبل على مصير المجتمعات.