لا يزال هناك سوء فهم يدور في أذهان الكثير من الأشخاص، وبالأخص في شأن الحكام، فالبعض يعتقد ان الشعوب تختار حكامها وان الشعوب هي التي تقرر، وهي التي تختار، وهذا بالتأكيد إن دل على شيء فإنما يدل على قلة إيمان وعدم التمعن في آيات القرآن الكريم، حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران بعبارة واضحة وصريحة من الله عز وجل في شأن الحكام حين قال: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير- آل عمران: 26)، وهذه عبارة واضحة من الله سبحانه وتعالى تبين وتؤكد أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يختار الحكام دون سواه ومن لديه قول آخر، فهو يعارض قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.
وفي آية أخرى يبين الله سبحانه وتعالى ضرورة إطاعة الحكام وعدم الخروج عليهم في قوله عز وجل: (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم- النساء: 59)، إذن في هذه الآية تأكيد من الله سبحانه وتعالى على ضرورة إطاعة الحكام.
فالله سبحانه وتعالى ترك لعباده الحرية في بعض الأمور، لهم كامل الحرية أن يقرروا فيها ويختاروا، ولكن هناك أمورا أخرى قدرية لا فصال فيها بأن أمرها بيد الله سبحانه وتعالى وحده دون سواه، وبما ان الله سبحانه يقرر أو يختار شيئا فالله أعلم وهو علام الغيوب أين الخير فيه.
وقد يتساءل البعض: ما مناسبة هذه المقدمة؟ هي بالتأكيد مقدمة مناسبتها قضية التجنيس والبدون التي باتت تحمل مسؤوليتها بالكامل للدولة مع تصوير البعض بأن الحكومة ظالمة وغير عادلة في هذا الجانب وتصويرها بأنها تخالف قوانين حقوق الإنسان مع محاولة للبعض في تضليل الحقائق ومحاولة نزع حق سيادة الدولة في التجنيس، وانا أعارض ذلك الأمر، فهوية الدولة هذه ملك للدولة تمنحها من تشاء وفقا لأنظمة وقوانين الدولة المعتمدة من الدستور.
فنحن لسنا في غابة، بل في دولة تمتد جذورها لأكثر من ثلاثمائة عام، أي ان الحكومة تعرف مواطنيها قبل البترول وبعد البترول ومن ظهروا حديثا على الدولة، وبما اننا في دولة قانون فهناك نظام متبع كفل خلاله الدستور الآليات التي تتبعها الدولة في كل شؤونها، ومن يحاول أن يغير شيئا من النظام المتبع في الدولة، فهو بذلك ينقلب على الدستور الذي ينادي الكثير في ضرورة التمسك به ثم بعد ذلك يخالفون الوثيقة التي وضعت كعقد بين الحاكم والمحكوم في سنة 1962 وتم التصديق عليه من الشعب والحكومة، والكل ارتضى هذا الدستور ومتمسك به.
لذلك فإن حل قضية البدون بيد أصحابها، وكثيرون منهم قاموا بتعديل أوضاعهم وحملوا جنسيات دول أخرى وعادوا إلى الكويت، وتم تعديل أوضاعهم ولهم سفارات تمثلهم وجهات قانونية تحميهم، أما الآخرون فما زالوا لا يرغبون في تعديل أوضاعهم لأي سبب كان، البعض قد يكون ضحية لأنه من الجيل الذي فعلا لا يعرف بلدا سوى الكويت، والبعض متعمد في الاستمرارية بإخفاء هويته الأصلية، والحل في كل الحالات بيد أصحابها، فبعض النواب يظهرون في الإعلام ويصورون الحكومة بأنها ظالمة وبأن أطفال البدون لا يتعلمون ولا يعيشون حياة كريمة، وهذه المشكلة بيد آبائهم، لماذا لا يفعلون كما يفعل بقية الإخوة العرب الذين يغتربون عن أبنائهم وعائلاتهم حتى يوفروا حياة كريمة لأسرهم؟! ألم يوصنا الله سبحانه وتعالى بالعمل والاجتهاد؟! ومن يملك الرزق سوى الله عز وجل، وأرض الله واسعة، فالحكومة لها اعتبارات هي أعلم بها وقرارتها السيادية لابد ان تحترم من الجميع.