الأزمات الاقتصادية غالبا ما تنشأ بين فترة وأخرى، فيصاب السوق بركود لعوامل متعددة، أحدها قد يكون لأسباب اقتصادية وآخر لأسباب سياسية وثالث بسبب تغير الذوق العام في المجتمعات. فنجد ان السوق يركد ويعاود النشاط وفقا لمواسم معينة، إلا أن الباحث الاقتصادي والعاملين في هذا المجال لابد لهم من البحث في العقليات الاقتصادية التي تتمكن من مسايرة جميع التقلبات التي يشهدها السوق بحيث يبقى سوق الاقتصاد نشطا في جميع الظروف.
إذن المطلوب من أصحاب الأعمال البحث عن الذين يمتلكون ذكاء اقتصاديا، وهذا هو الأهم في مجال العمل الخاص، فصاحب العمل هدفه الرئيسي أن يحقق الأرباح، ومتى بدأت شركته في الخسارة فليعلم أن العاملين لديه يفتقرون إلى الذكاء الاقتصادي، لأن الذين يتمتعون بمثل هذا الذكاء في الغالب يحققون الأرباح للمؤسسات العاملين فيها.
وقد يعول البعض تداعيات خسارته إلى ان السوق يتقلب، وهذا صحيح، ولكن الأهم هو أن يوجه صاحب العمل السوق لا أن يوجهه السوق بحيث من يمتلك مصلحة اقتصادية أيا كانت لابد ان تكون لديه القدرة على إعادة برمجة الذوق العام وفقا لما يمتلكه من منتجات.
والتاريخ حافل بالكثير من القصص التي بينت ذكاء التجار في الأزمنة المختلفة، وهو ما مكنهم من إعادة برمجة الذوق العام لمسايرة ما يمتلكونه من منتجات، ولنا في قصيدة «قل لصاحبة الخمار الأسود» نموذج يحتذى، حيث تمكن الشاعر من ترغيب النساء في اللون الأسود الذي استمر إلى زماننا هذا!
إذن لابد من ترغيب المجتمع في المنتج الجديد مع تنويع الأساليب، وبالتأكيد هذه بحاجة إلى أساليب جديدة مختلفة عن اللجوء دوما للدعاية والإعلان باستخدام الشخصيات المشهورة، خاصة أن جميعهم لا يمتلك قدرة التأثير الحقيقي على الجمهور، وحتى إن كان البعض يمتلك القدرة فهناك بضائع ومنتجات غير قابلة للدعاية والإعلان كالحديد والصلب والصناعات البلاستيكية والأسمدة وغيرها من المنتجات التي بحاجة إلى عقلية اقتصادية ترسم خططا لتحقيق الأهداف لصاحب المؤسسة.
إذن رواد الأعمال بحاجة بالدرجة الأولى إلى الأفكار الجديدة، وليس هذا وحسب، بل الى صائغي خطط اقتصادية تسير عليها المؤسسة لتحقيق الأرباح.
إن احتياجات الإنسان الاستهلاكية وغير الاستهلاكية لا تتغير بمرور الزمن، بل على العكس تزداد بزيادة نمو معدل التركيبة السكانية في الدولة، فكلما زاد عدد قاطني الدولة فمن المفترض أن ينتعش اقتصادها لا أن يقل.
وبذلك فأنا أجد المطالبات المستمرة بإعادة تعديل التركيبة السكانية ليقل عدد سكان الدولة، أجدها تفكيرا غير اقتصادي نظرا لأن هناك الكثير من الأعمال التي ستتضرر من جراء مثل هذا التعديل، وبالأخص ان التجار لديهم منتجات وخدمات وعقارات لا تتناسب مع طبيعة المجتمع الكويتي وهي لا تعنيهم، ولكن تعني جمهور الدول الأخرى.
لذا فمن المتوقع أن كل زيادة في التركيبة السكانية تقابلها زيادة في الربح للقطاع الخاص، وكذلك الأمر في السياحة، فكلما انتعش سوق السياحة في الكويت انتعش معه الاقتصاد المحلي.
إذن الوجهة الأولى التي لابد أن يتوجه نحوها القطاع الخاص الكويتي هي زيادة في عدد زوار البلاد والمغتربين العاملين في الدولة، فنحن نطالب القطاع الخاص بتوفير فرص عمل للكويتيين ونحملهم مسؤولية المساهمة في الخصخصة لانتعاش الاقتصاد، وهذا بالتأكيد لن يحدث دون جمهور واسع من المستهلكين.
فاليوم بسبب الضغط على الوافدين تضرر سوق العقار في الكويت بنسبة كبيرة، وهذا بالتأكيد يضر الاقتصاد المحلي بحيث قد يطول ذلك الأمر قوة البنوك المحلية، لذا فإنني أجد أن انغلاق المجتمع على ذاته والتقليل من الوافدين أحد أبرز أسباب عدم استقلالية القطاع الخاص الكويتي عن الحكومة.