حين تقوم وزارة الداخلية بتوجيه الاتهامات المختلفة سواء على مستوى الجنح أو الجنايات، فهي بالتأكيد لا تكون ظالمة ولا تبني أدلتها على الخزعبلات والأوهام الضالة، فهي غالبا ما تكون لديها أدلة، إما حصلت عليها بالجرم المشهود وبتقديم المجني عليهم لشكاوى سواء للمخفر أو الإدارة العامة للتحقيقات أو التحقيق في الجرائم التي يتم تحويلها اليهم من قبل النائب العام، أي إن وزارة الداخلية حين تقوم بتوجيه اتهام في الغالب ما يكون هناك دليل مادي أيا كان مصدره إلا ان الخلل في التشريع هو ما يضع وزارة الداخلية في إحراج في القضايا حين يتم النظر لها من خلال السلطة القضائية، فتتم تبرئة بعض المتهمين إما لخلل في الإجراءات والذي يمنح القانون فيه السلطة القضائية الحق في تبرئة المتهم إذا كانت الإجراءات المتبعة يشوبها خلل، وهذا أجده قانونا غير عادل، فخلل في الإجراءات المتبعة في التحقيق أو في القبض لا ينفي الجرم المقترف من المتهم إلا ان هذا القانون بحاجة إلى إعادة النظر من قبل المشرع البرلماني حتى لا يفلت مجرمون من العقاب نتيجة خلل في الإجراءات المتبعة.
الأمر الآخر الذي نتجت عنه سلبيات قد يكون أبرزها هو هروب خلية العبدلي مؤخرا والضجة المثارة حولها أيضا سببها خلل في التشريع بحيث أجازت المادة رقم 219 من قانون تنفيذ الحكم بالحبس في إطلاق سراح المتهم في قضية جنائية إلى أن تنتهي درجات التقاضي.
وهذا الخلل في التشريع هو ما تسبب في هروب المتهمين بحيث لو كانت هذه المادة في القانون غير موجودة، ولا أساس لها لما تمكن دفاع المتهمين من الاستناد الى هذه المادة في إخلاء سبيل المتهمين إلى ان تنتهي درجات التقاضي.
لذلك فنحن دائما ما نعول على ضرورة الحذر في التشريع من التناقض أو التضارب في المصالح، والتي بدورها تعمل على التسبب في أزمات وكوارث لا تحمد عقباها، حيث ان من الضروري ان تتم غربلة القوانين، وبالأخص قوانين الجزاء، وتحديدا في قضايا الجنايات حتى لا تكون في قوانين الجزاء الكويتية ثغرة يتمكن منها المتهم من الفرار من العقوبة، وإلا بالتالي سيصبح كل ضليع في القانون قادرا على ارتكاب جرائم مختلفة تمس الأمن القومي ومصلحة واستقرار أمن المجتمع ثم الفرار منها.
لذا أجد من الضروري أن يعكف المشرعين البرلمانين في الفترة المقبلة على دورهم الرئيسي في التشريع، الذي انشغلوا عنه خلال سنوات في الرقابة والمهاترات السياسية التي لا تؤتي أكلها ولا تسمن ولا تغني من جوع.
فالرقابة أمرها مريح وسهل جدا، فأعضاء البرلمان من خلال معارفهم سواء من موظفي دولة أو من خلال تقارير ديوان المحاسبة او الرقابة المالية أو المراقبين من ديوان الخدمة المدنية أصبحت الرقابة أمرها سهل جدا بالنسبة لهم، فهم لا يتعبون، فقط اتصالات وتأتي لهم المعلومات التي قد يكون البعض منها مغلوطا والبعض الآخر لا يرقى حتى لأن يكون في دائرة الرقابة مع القليل من الفبركة الإعلامية فتظهر أن النائب قام بإنجاز كبير في المعلومة التي يعرضها.
ولكن الدور الحقيقي للنائب هو التشريع ومراجعة التشريعات السابقة ومحاولة التعديل عليها ومواكبتها للظروف والمستجدات التي تطرأ على الساحة السياسية والدولية وتفعيل البعض منها للحد من الجريمة قبل وقوعها هذه لا تكترث لها الأغلبية لأن أمرها صعب وبها الكثير من المجهود الفكري الذي سيبذل وسيأخذ وقتا كبيرا.
لذا أجد أن إعادة أولويات ترتيب البيت البرلماني أصبح ضرورة ماسة لأن مشكلات كثيرة باتت تطفو على السطح بسبب ثغرات في القوانين الموجودة.