إن المطالبات النيابية المستمرة بضرورة التوسع في توزير أعضاء مجلس الأمة ترتفع مع كل استقالة لمجلس الوزراء وبدء الرئيس في عقد المشاورات لتشكيل الحكومة، فبعض النواب لا يكفيهم انهم ممثلون للشعب في مجلس الأمة، بل يريدون أيضا الهيمنة على السلطة التنفيذية من خلال التوسع في توزير النواب وهذه المطالبات تخالف في طياتها بشكل كبير أولى الركائز الدستورية التي تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات.
وقد يعتبر البعض أن الأصل في الدستور هو التوسع في توزير النواب ولكن هذه المادة أتت المذكرة التفسيرية في تفسيرها لنص المادة 56 من الدستور التي جاء في التفسير انه لمراعاة قلة أعضاء مجلس الأمة ومراعاة لعدم مشاركة أبناء الأسرة الحاكمة في الترشح لعضوية مجلس الأمة فإنه يجوز أن يكون أغلبية أعضاء مجلس الوزراء من خارج البرلمان وهناك تداعيات متعددة من عدم فاعلية التوسع في توزير النواب وهي على النحو التالي:
أولا - إلغاء مبدأ حكومة التكنوقراط التي تنادي بضرورة أن تتسم بها الحكومة والمقصود بحكومة التكنوقراط هو تكليف المتخصصين في المجالات العلمية المختلفة بالوزارات الفنية كتكليف وزارة الصحة للأطباء والكهرباء والأشغال للمهندسين والعدل للمحامين والأوقاف لخريجي الشريعة وهو الذي قد لا يجده رئيس الحكومة في أعضاء مجلس الأمة فممثلوا الشعب لدى فوزهم بمقعد البرلمان ليس بالضرورة ان يتمتعوا بشهادات علمية فنية متخصصة وإذا ما أجرينا قراءة بسيطة لآلية اختيار المواطنين لأعضاء البرلمان نجد أن معيار الاختيار لا يرتكز على مبادئ محددة، بل على معايير أخرى ما زالت مسيطرة على عقلية الناخبين لدى اختيارهم لممثليهم في البرلمان ومن النادر جدا ان نجد أشخاصا عاديين يعتمدون على علمهم وكفاءتهم فقط في الوصول للبرلمان، فعقلية الناخب الى الآن لم تتحرر من المنهجية السابقة في اختيار ممثليهم في البرلمان.
ثانيا - قد لا يحقق توزير النواب منهج التضامن الحكومي، وهذه ركيزة لابد أن تتوافر في الحكومة بحيث الأصل في الحكومة ان تكون متضامنة لضمان سير عمل مجلس الوزراء بما لا يخالف السياسة العامة للدولة التي يرسمها مجلس الوزراء، فقد يطغى إحساس النائب بأنه نائب على دوره كوزير الذي يتطلب منه الالتزام بما تم تحديده سلفا في السياسة العامة للحكومة.
ثالثا - تضييق قاعدة البحث للكفاءات من أبناء الشعب الكويتي بحيث ستكون الوزارة محصورة في أعضاء مجلس الأمة وهذا يخالف مبدأ تكافؤ الفرص، فهناك نواب فازوا بمقعد البرلمان لتداعيات متعدده ليس معيارها الكفاءة وحدها كما تم الإشارة إليه سلفا وهناك في المقابل كفاءات غير مرغوبة على الصعيد الشعبي على الرغم من تمتعها بنسب ذكاء عالية وجدارة في الأداء، إلا انه ليس من الضرورة أن تحظى بشعبية كبيرة نظرا لأن الكفاءات والعلماء غالبا لا يحظون بقبول شعبي كبير لأنهم غالبا ما يكون خطابهم أعلى بكثير من القدرات الاستيعابية للعامة، وهذه بدورها قد تحرم الحكومة من ان ينضم لفريقها الكفاءات العلمية والنوابغ من أبناء الشعب.
رابعا - قد تسيطر مجموعة من الناخبين على وزارات الدولة بحيث لا نجد تمازجا بين الموظفين من أبناء الشعب الواحد، بحيث قد نجد أن أتباع النائب قد يسيطرون على الوزارة وهو بدوره يحرم مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد.
خامسا - التداخل في عمل السلطات كما أشرنا مسبقا بحيث تسيطر السلطة التشريعية على عمل السلطة التنفيذية وهذا بدوره ينافي مبدأ الفصل بين السلطات.
وعليه فإن المسببات التي تم طرحها مسبقا توجز بشكل بسيط أبرز تداعيات عدم فاعلية التوسع في توزير النواب، فالأصل في النائب أنه يمثل الشعب ويعتني بالتشريع أولا والرقابة ثانيا.