في أحداث كثيرة تناولنا خلالها ضرورة تكييف التشريعات القانونية بطريقة تخدم بها المجتمع وتحدّ من القصور السابق في التشريع لمعالجة الخلل في بعض القوانين للتمكن من الحد من المشاكل التي باتت تتفاقم في المجتمع.
فالكل قد لا حظ في الآونة الأخيرة تفاقم القضايا الجنائية ومعدلات القتل والعنف الذي تفشى بشكل مطرد وبالأخص بين الأسر بما يدق ناقوس خطر لابد من بحث التداعيات على طاولة التشريع البرلماني والأخذ بنصائح المتخصصين في هذا الجانب لبحث الأسباب الاجتماعية والنفسية التي آلت بدورها لتفاقم هذه المشكلات.
إلا أن أغلب اهتمام المشرعين البرلمانيين ينحصر في الاستجواب مع الأسف دون الأخذ بالتشريع وضرورة تكثيف الجهود لتكييف التشريعات بما يتلاءم مع ما يستجد من قضايا في المجتمع.
وقد يكون احد أبرز القوانين التي لابد أن يتم تعديلها هو قانون الإدمان والتعامل مع المدمنين وتذليل جميع المعوقات التي تواجه الأسر التي يكون لديها مدمنون لحماية الأسر من الضياع.
فقد تفاقمت في الآونة الأخيرة معدلات الطلاق والقتل والحوادث والتهديد ومجملها لو تم التفتيش في السجل الجنائي سنجد ان التعاطي وراء كل هذه المشاكل إلا أن أبرز مشكلة تواجه أسر المتعاطين هو عدم وجود تشريع يجعل الدولة تقوم بمصادرة المتعاطي بصورة مباشرة وتجبره على الإقامة الجبرية في مستشفى الطب النفسي إلى ان يتعافى، ففي هذا الجانب القانون تغافل عن هذا الأمر بحيث نجد ان كثيرا من أسر المتعاطين يخشون رفع قضايا تعاط على ذويهم بسبب الخوف من ردة فعل المتعاطي التي قد تكون نتيجتها وخيمة وقد يتهور المتعاطي ويقتل المبلغ أو يعتدي عليه بالضرب المبرح وهذا ما يجعل الزوجات يطلبن الطلاق والآباء يطردون ابنهم المتعاطي ولا تتواصل معه والنتيجة ظلم يقع على المجتمع بأكمله.
إن القصور الحقيقي أن نجد مستشفى الطب النفسي بطاقتها الاستيعابية المتواضعة لا تتحمل كل هذا العدد من المتعاطين وهذا أمر معيب في وجه وزارة الصحة حيث إنه على الرغم من جميع الميزانية الضخمة المخصصة لها سنويا وعدد المتبرعين وفاعلي الخير إلا انها لم تكلف نفسها بإنشاء وحدات جديدة للطب النفسي، هذا فضلا عن أنه يجب الفصل بين المريض النفسي والمتعاطي بحيث لابد أن تكون هنالك وحدات متخصصة لمعاجلة الإدمان في كل محافظة على حدة وفي المقابل لابد ان يكون هناك قانون يلزم وزارة الصحة بعدم تخيير المتعاطي بالبقاء في المستشفى أو مغادرته إلى ان يتم شفاؤه شفاء تاما مع تقديم كل الدعم النفسي والمادي للتمكن من مساعدة المتعاطي على التعافي.
وقد يكون أبرز الاستشاريين النفسيين الذين يعملون جاهدين في وضع التوصيات وتنوير المجتمع من خطورة الإدمان هي الاستشارية د.غنيمة حبيب من مركز نجاحات للاستشارات النفسية وعلاج الإدمان بحيث لديها العديد من التوصيات في هذا الجانب والتي في المقابل لابد من اللجنة الصحية في مجلس الأمة أن تدعوها وتأخذ بتوصياتها وتدرجها ضمن التوصيات التي لابد أن يبنى على أساسها المشرع البرلماني قواعد القانون الذي سوف يضعه.
إن أكثر ما يثير حفيظة المتخصصين في هذا الجانب هو تخلي الكثير من الأسر عن أبنائهم المتعاطين وعدم تقديم الدعم الأسري والمعنوي لهم للتمكن من تخطي مرحلة الإدمان وهذا بسبب عوامل كثيرة هي عدم رغبة بعض العائلات تحمل مسؤولية المتعاطي فيتركونه وحيدا دون الأخذ بيده لتخطي هذه المرحلة.
إن أبرز التوصيات التي لابد أن يحرص عليها المشرع القانوني هي إبطال جميع التصرفات القانونية للمتعاطين بحيث من يطعن في تصرف أو إجراء قانوني نتيجة تعاط يكون لمن تضرر من هذا التصرف القانوني الذي اتخذه المتعاطي الحق في إبطاله حتى لا يقع أحد ضحية قرار تحت تأثير التعاطي.
[email protected]