تختلف إجراءات التقاضي والمرافعات من دولة لأخرى، أو من إقليم لآخر، وذلك وفقا لأسلوب التقاضي المتبع في كل دولة على حدة، فنجد ان بعض الدول كما هو الحال في فرنسا تعتمد على نظام النصوص المكتوبة وهو ما يطلق عليه civil law system والذي يتضمن إجراءات محددة للتقاضي لضمان سلامة الإجراءات والحصول على الحقائق الكاملة التي تمكن هيئة القضاء من الوصول إلى الحقائق كاملة وتحقيق العدالة.
بحيث نجد أن في النظام السالف الذكر توجد هناك أطراف متعددة تتولى التحقيق في القضية الجنائية المعروضة عليهم فنجد وجود قاضي التحقيق الذي يعتبر عضوا من المحكمة والمسؤول عن التحقيقات الجنائية كاملة بحيث يقوم بمقابلة المتهم والضحية والشهود ثم بعد ذلك يتولى القيام بإعداد ملف القضية وعرضها على قاضي الموضوع.
ويعتبر قاضي الموضوع الطرف الثاني في نظام التقاضي المعمول به في فرنسا حيث يتولى قاضي الموضوع الاستماع للدعوى في المحكمة وقد يكون وحيدا أو مع مجموع أخرى وهو يقوم بسؤال الشهود والخبراء ويطلب الأدلة الكاملة في القضية المعروضة عليه.
ويعتبر الطرف الثالث في النظام القضائي السالف الذكر وهو يقوم بمعاونة قاضي التحقيق في التحقيقات الجنائية ثم بعد ذلك نجد المدعي العام الذي يعتبر جزءا من الهيئة القضائية ويكون مكانه في الجلسة بالقرب من القاضي ثم بعد ذلك نجد هيئة الدفاع وهيئة المحلفين والأخيرة نظام جديد اتبع مؤخرا في كل من فرنسا وبلجيكا والذي يكون دوره في تحديد إذا ما كان المتهم بريئا أو مذنبا بناء على الحقائق المعروضة علية.
وعليه فإن التغيير في آليات التقاضي بين الفترة والأخرى يجب ان يؤخذ جديا في دولنا نظرا لأن العالم اليوم تقدم بشكل مطرد، وعليه فإن أساليب التقاضي لابد أن تتغير بين الآونة والأخرى وذلك سيكون له الأثر الكبير أولا من تخفيف معدلات الجرائم وضمان سلامة إجراءات التقاضي لتحقيق أكبر قدر من العدالة والحد من أي سلبيات قد تشوب إجراءات التحقيق والتي تؤدي بدورها إلى تبرئة العديد من المدانين في قضايا أحيانا تكون في غاية الخطورة ولكن غالبا ما يأخذ المتهم براءة في كثير من الأحيان نظرا لخلل في إجراءات التحقيق أدت إلى تبرئة العديد من المتهمين.
ونظرا لأهمية الدور الذي تلعبه إجراءات التقاضي وأثرها في التحكم بمصائر الأفراد فعليه من الضروري أن تكون هناك اتفاقية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتوحيد إجراءات التقاضي في جميع الدول مع اختلاف القوانين المطبقة إلا ان الإجراءات المتبعة لابد ان تكون موحدة بين الدول الأعضاء، وهذا بدورة يعزز مبادئ حقوق الإنسان، فليس من العدالة أن يرتكب جرم في فرنسا وهذا الجرم غير محرم دينيا على سبيل المثال لدى الدول الإسلامية وبالتالي فلا توجد عقوبة دينية لهذا الجرم وإنما عقوبة تفرضها السلطات وتختلف من دولة لأخرى دون تكون هناك مساواة بين أفراد الشعوب.
وهذا بدوره يضعف من الدور الحيوي الذي تقوم به الأمم المتحدة من تطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين دول العالم مجتمعة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى زعزعة الكثير من الاستقرار السياسي لدى العديد من الدول التي تطالب شعوبها بتطبيقات مماثلة لبعض المميزات التي تتمتع بها شعوب أخرى.
لذا فإن الخطوة الأولى لتحقيق مبدأ العدالة والمساواة التي تطالب بها الكثير من شعوب العالم وهي المحاكمة العادلة وهذه المحاكمة لابد الا تختلف من دولة لأخرى وإلا ما هو الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في التأليف والتوفيق بين شعوب العالم؟ مما يؤدي بدوره إلى إضعاف مبادئ العولمة التي ينادي بها كثير من الأطراف المتعددة وذلك للحد من مظاهر العنف والقهر والإرهاب.