أثار الخبر الذي نشر في إحدى الصحف المحلية حول شبهة غسيل أموال من جراء تخزين كميات كبيرة من الذهب في الفروانية دون أن يكون لها أي سند شراء أو ملكية لأحد معين، لغطا كثيرا في الأوساط المحلية نظرا لخطورة هذه القضية ليس على المستوى المحلي وحسب وإنما على الصعيد الدولي.
فقضية غسيل الأموال وتبييضها منذ سنوات وهي تؤرق العالم اجمع نظرا لما لها من خطورة في تفشي الجرائم وانفلات مرتكبيها من العقاب هذا فضلا عن ظهور أثرياء من جراء الجريمة وهي التي تشكل بدورها خطورة على الصعيد الأمني.
إن ابرز توصيات إعلان نابولي الذي تم التوقيع عليه هو ضرورة اعتماد الدول على إجراءات احترازية وتدابير وقائية للسيطرة على غسل عائدات أموال الأنشطة الإجرامية، وذلك درءا لمفسدة قد توقع المجتمعات في هلاك كبير متى ما أصبحت للمنظمات الإجرامية رؤوس أموال قد تستغل في جرائم جديدة تهدد الأمن القومي فقد تستغل في المقابل إلى توسيع تجارة المخدرات والأسلحة.
وعلى الرغم من كافة التدابير المتخذة على الصعيد الدولي إلا أن مثل هذه القضية لابد ان تكون في جدول أولويات وزراء الداخلية حول العالم وبالأخص أن بعض الدول قد أشيع عنها أنها تعتاش من جراء غسيل الأموال وتفتح أبواب بنوكها وأراضيها في مثل هذه العمليات وهي التي في المقابل لابد ان تواجه بحزم من قبل الأمم المتحدة ومن قبل وزراء الداخلية في ضرورة تعاون جميع أطياف المجتمع الدولي للحد من ظاهرة غسيل الأموال لما لها من انعكاسات سلبية متعددة كما تمت الإشارة إليه سلفا.
وبالنسبة للكويت تحديدا فليست هي المرة الأولى التي تتم إثارة مثل هذه القضية في وسائل الإعلام، إلا أننا في المقابل لا نجد أي صدى من وزارة الداخلية لفتح ملف للتحقيق وإيصال الحقيقة كاملة للقارئ، فمنذ سنة تقريبا تم نشر خبر مماثل في إحدى الصحف المحلية حول شبهة غسيل أموال تكشفها البنوك والتي غالبا ما تكون في شراء العقار والطريقة ذاتها، قد تعاملت وزارة الداخلية بكثير من الكتمان دون إيضاح الحقيقة للمجتمع لطمأنة المجتمع من أن أطياف الإجرام لا تضع يدها في الكويت وبالأخص أن مثل هذه الأخبار إذا لم تتم مناقشتها وتوضيح حقيقتها من قبل وزارة الداخلية فهي قد تعرضنا في المقابل لأمرين:
أولا: ان نتهم من قبل المجتمع الدولي بالتراخي في تطبيق إعلان نابولي باتخاذ التدابير الإجرائية اللازمة للحد من جرائم غسيل الأموال.
ثانيا: أن يتم استهتار المجرمين بأجهزتنا الأمنية وفي المقابل قد تخترق الدولة بصور أكبر في قضايا غسيل الأموال فنصبح محطة جيدة وممتازة لمن تسول له نفسه تبييض أموال الجرائم والمخدرات وسواها.
لذلك نتمنى أن تتم مقابلة مثل هذه الأخبار بإعلان من قبل وزارة الداخلية مع ظهور المسؤولين المختصين لإيضاح الحقيقة كاملة لأفراد المجتمع فهل فعلا الكويت باتت مخترقة من قبل جهات تعمل على غسيل الأموال؟ أم أنها حوادث فردية لتجربة مدى وعي الأجهزة الأمنية لدينا؟
أعتقد أن مثل هذه القضايا لابد ان تأخذ صدى اكبر على الصعيد الدولي فالمسؤولية اليوم باتت مسؤولية وسائل الإعلام بالدرجة الأولى ومسؤولية وزارات الداخلية للتنسيق وتكثيف الجهود في ضرورة توعية المجتمع من صور الاحتيال والجرائم المتعددة وضرورة تلافي مثل هذه الأحداث من خلال تفعيل القوانين الدولية ودراسة ما إذا كان الأمر يحتاج إلى تغليظ العقوبات أو تنسيق الجهود الدولية لوضع عقوبة موحدة لجريمة غسيل الأموال حتى لا يتجرأ أيّ كان على تبييض أموال المخدرات وسواها، لذلك الكرة اليوم في ملعب وزارة الداخلية لدينا لتتبنى عقد مؤتمر لمناقشة مثل هذه القضية.