نغمة نشاز رنت في أذني وأنا أستمع لأحد البرامج الإذاعية الناجحة، عندما ذكر المذيع كلمة «نسرة» كمرادف لاسم الزوجة خلال حديثه مع زميله الذي يشاركه البرنامج، وأخذ في ترديد الكلمة أكثر من مرة مع كل اتصال يأتيه لمناقشه قضية البرنامج، والأدهى أن المتصلين سايروا المذيع فيما ذكره، قد يكون المذيع المرموق قد استخدم هذا الوصف من باب الفكاهة ولاستقطاب الجمهور لبرنامجه، ولكن هل نرضى بأن توصف الزوجة الكويتية بهذا الوصف المشين، خاصة أن للبرنامج متابعين من دول مختلفة في العالم؟
استوقفني الوصف الكريه «نسرة» للزوجة الكويتية ولدورها في حياة الأسرة، والذي يعطيها صورة المرأة سليطة اللسان والقوية على الآخرين، وأخذت أسترجع بذاكرتي الأسماء المتعارف عليها في مجتمعنا للزوجة حسب ما سمعته من والدي، رحمه الله، وأهلي ومعارفي، ووجدت أن الأسماء المتداولة في مجتمعنا الكويتي ومنذ القدم هي زوجتي، أم العيال أو أم فلان، وفي حال حديث الرجل الكويتي مع أصحابه فإن الكويتي يقول وبلهجة محترمة كلمة الأهل أو البيت كناية عن زوجته، إن وصف الزوجة الكويتية بكلمة نسرة وصف شرس ومهين لكيان المرأة ولشراكتها للرجل في بناء الأسرة.
ولنرجع للتاريخ قليلا، وسنجد أن المرأة الكويتية ساهمت وبحرص في المحافظة على البناء الاجتماعي للمنزل وكانت اللاعب الأساسي في استقرار البيت وسكنه فتحملت برضا وصبر غياب الأب والزوج والابن خارج الوطن لفترات طويلة للبحث عن الرزق في أعماق البحار بالغوص على اللؤلؤ أو التجارة والذي كان يستغرق شهورا متتالية، ولكنهم كانوا يثقون في إدارة نسائهم، لذلك كانوا يرددون دائما المثل الكويتي «عمار بيت ولا سفر بنقالة»، ولا يزال ذلك بعد التطور الحديث.
المرأة الكويتية شخصية معطاءة بطبيعتها وبإخلاص لبيتها وأبنائها وأهلها، فهي كانت ولا تزال تقوم بدورها، وإن ظنه البعض صغيرا فهو في الواقع دور أساسي فتجمع بين علم الإدارة والاقتصاد في إدارتها لمنزلها والدقة في تصريف الأمور وتربية الأبناء، ناهيك عن العلم الذي تغرسه في نفوس الصغار والفكر الوطني الحريص، وتغلف ذلك كله بغلاف أنثوي جميل يجمع بين اللطف والرقة والإحساس العالي بعائلتها، فحفظت بذلك التوازن النفسى والحياتي لأفراد أسرتها.
من المحزن أن نجد في زمن الحضارة والتقدم الخذلان للمرأة الكويتية بإبراز نماذج مسيئة لها فإن تصرف بعض النسوة لا يعني أبدا التعميم فهناك نماذج عديدة مشرفة وبيوت هانئة سعيدة، وأود أن أشير إلى المسلسلات والتي سميت خطأ بالمسلسلات الكويتية والصورة السلبية التي تقدم عن المرأة الكويتية فهي المتسلطة دائما والنكدية والأنانية المحبة لنفسها اللامبالية بما يدور حولها المهملة لبيتها وأبنائها وغير ذلك، وأعتقد انها صورة مقصودة لطبع صورة سلبية في أذهان الأجيال الشابة لترك الكويتية والالتفاف إلى جنسيات أخرى ولتشويه صورة البيت الكويتي المستقر.
الأسرة هي الحلقة الأساسية التي تربط الأجيال، والمرأة الكويتية بحاجة لدعم ومساندة الرجل وتقديره لدورها، فالعلاقة الزوجية والعائلية ليست صدقة نتصدق بها بمشاعرنا وآرائنا، بل هي حياة مشتركة، ومن دون أن تؤدي المرأة دورها لا يمكن أن تسير الحياة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله».
[email protected]