[email protected]
كثير منا يرسم صورة مشرقة بآمال وأحلام عريضة لحياته ويزينها بالألوان الزاهية ليقبل على الحياة بثقة وحماسة، ولكن تجري الرياح أحيانا بما لا تشتهي السفن، فنتعرض لمشكلات وعثرات أو مفاجآت لم تكن بالحسبان كخسارة مالية أو الطرد من الوظيفة عدا حالات النفور الاجتماعي أو الطلاق وغيرها، ما يعوقنا عن تحقيق ما نصبو إليه، وهنا تبدأ الصدمات التي قد تهز كيان الإنسان وكل منا يواجه الإخفاق بطريقته الخاصة، ومن لم يعتد على التعامل مع الصدمات يكون أكثر عرضة للكسر.
لعل العلل في ذلك تعود لأسباب، أولها الثقافة السائدة بالنظرة البطولية للنجاح، فنرفض أن نمر بأي تجربة فاشلة، فنحن نميل لأن نفتخر بذواتنا وتحقيق الأنا العظيمة التي لم تخطئ، وننسى أن الحياة كالبحر به المد والجزر، وأن الأمم كذلك تتعرض للكوارث والنكبات، والاحتلال العراقي للكويت مثال لذلك.
السبب الثاني برأيي يعود إلى أن قاموس حياتنا يمتلأ بالمفردات الإيجابية للنجاح والتوفيق وكأنك حققت بذلك البطولة المنشودة فتكون المتفوق والمبدع والمتميز والقدوة وفي المقابل يفتقد المجتمع مفردات الخطأ أو التعثر وحتى السقوط وأعوذ بالله من يسمح لنفسه في مجتمعاتنا ولأبنائه بذلك إنه كابوس نرفض حتى الحديث عنه، ومن يدخل ضمن هذه الخانة يحكم عليه بالفشل، فهو شخص يفتقد الحنكة ولا يستحق الثقة، وستجد الكثيرين ينتقدونك وقد يحاسبونك بحدة على قراراتك وينسون أن الحياة هي مجموعة من القرارات والاختيارات، وقد يصعب الأمر عليك فتدخل في خانة لوم النفس والهروب من التفكير وستجد أن حياتك قد ازدادت تعقيدا وقد تعاني من نفور أقرب المقربين لك وتشعر بالوحدة مما يزيد من سوء الأوضاع وقد يتعرض الإنسان للانهيار.
النهوض من عثرات الحياة بكل صورها الاجتماعية أو الزوجية أو العملية وحتى الدراسية تحتاج لأن نعيد النظر في ثقافة المجتمع السلبية حول الإخفاق وأنه حالة واقعية ككل الحالات التي نعيشها وأن نعترف بأنه قد يكون بداية جديدة وسعيدة، فالثقة بالله ثم بقدرات الإنسان تهيئ الأفكار الإيجابية والتي تعتبر السلاح الداعم لمواجهة العثرات، وأن نستوعب أن الحياة هي رحلة نجاح وفشل يضاف لرصيد تجاربنا وخبراتنا، الأمر الذي سيسهل على الشخص أن يعاود الكفاح من جديد ويثابر لتحقيق ما ينشده وقد يكتشف قدرات ومهارات جديدة في نفسه لم يعرفها من قبل وقديما قالوا «اللي ما يكسرك يقويك».
جمع الناجحين الذين وصلوا للقمة في جميع المجالات كبيل غيتس وأوبرا وينفري رفضوا الاستسلام لصعوبات الحياة وثابروا رغم كل العوائق وانتصروا حتى على أنفسهم، لكن المثابرة لا تعني أننا سننجح في حل كل مشكلاتنا فبعض الأمور تكون معقدة تحتاج لأن نتركها للزمن فهو كفيل بحلها أو التخفيف منها.
الإنسان الناجح في نظري هو الإنسان الذي لا تكسره الأزمات، بل هو الذي يقهر بعزيمته كل العواصف والأعاصير، ونحن أصحاب دين سماوي يدعونا للثبات والقوة بديننا وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى ولنا في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة وبذلك سنركن للأمان النفسي حتى في معالجة رواسب وندبات الأزمات.