استوقفني أحد الفيديوهات التي تصلنا عبر أجهزة الهاتف وما أكثرها، في هذا الفيديو يظهر شاب حركاته تميل للأنوثة ويتحدث بنعومة مع امرأة وحسب ما فهمت أنهما مذيعان في احدى القنوات التلفزيونية، كان حديثهما عن جمال المذيع وتسريحة شعره وإبر الفيلر والبوتكس التي استعان بها ليبدو أكثر شبابا ونضارة بالرغم من أنه في ريعان الشباب فعمره أقل من سبعة وعشرين عاما، هذا الفيديو الذي اقتطع من برنامج تلفزيوني ما هو الا تسويق غير مباشر لفكر منحرف والتشجيع عليه.
ان الأمر لم يعد عبارة عن حالات فردية يمكن التغاضي عنها انما انتقل ليصبح ظاهرة واضحة في المنتزهات والأسواق والمقاهي عدا ما نسمعه عما يحدث في المدارس والجامعات، لقد أصبح للمجاهرة بالخطأ قوة غريبة، وجدير بالإشارة انني لا أعني حالات اضطراب الهوية الجنسية فهي من اختصاص الأطباء ولهم فتاوى خاصة بهم، انما حديثي عن حالات تشبه الرجال بالنساء والعكس صحيح.
يرجع علماء النفس والمختصون الاجتماعيون أسباب هذه الحالات الى الاهمال في التربية أو القسوة أو التدليل الزائد من قبل الوالدين أو من يقوم مقامهما، بالإضافة الى حالات التحرش التي يتعرض لها الأطفال وأصدقاء السوء وغير ذلك، ومع تصاعد الاهتمام بالثقافة الأجنبية من بعض أبناء الجيل الجديد وبدعم من بعض الأهالي تغيرت الكثير من قيم الأفراد الأصيلة وزاد الاهتمام بالجوانب الدنيوية وبدأ التمرد على القيم والعادات التي يتمسك بها الكبار، لأنهم يرونها لا تتناسب مع جيلهم ولعبت الماكينة الاعلامية والتجارية المشبوهة مع الانفتاح الفضائي الواسع للبحث والاطلاع والمشاهدة دورا قوىا في تغيير القناعات ودفع أبناء المسلمين الى اتجاهات واسعة لتتشكل معها ثقافة وقيم جديدة اجتثت معها قواعد بناء مجتمعاتنا.
ان ثقافتنا العربية الإسلامية تختلف عن المنظور الغربي والذي يعتبر الميول غير الطبيعية ما هي الا مجرد خيارات شخصية بحتة تدخل تحت منطق الحرية الشخصية ويجب على المجتمع تقبلها وهذا هو قمة الرقي والمدنية الحديثة حسب رأيهم، أما الثقافة الاسلامية العربية فتختلف في نظرتها لهذه المواضيع اختلافا بينا عن المنطق الأجنبي لأنها تدعم الكينونة البشرية التي خلقها الله فالرجال لهم كيانهم وأدوارهم التي تحفظ لهم رجولتهم، والنساء لهن أدوارهن التي تتناسب مع أنوثتهن، وذلك لدعم مسيرة الحياة وعمارة الكون وهذا من لطف الله ورحمته بخلقه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.. سورة الملك 14).
لو تغاضينا عن قانون الأخلاق والدين كما يريدون لنتماشى مع مسيرة الحضارة والمدنية الحديثة ولا نكون متخلفين عنها وتركنا الحبل على الغارب فهل سننجح في اختبار الحضارة، ان أي انحراف عن الطبيعة البشرية سيؤدي الى استيقاظ كل درجات الشذوذ لدى الأشخاص ومعها ستنتشر أسوأ الأخلاق والسلوكيات وتعم معها كارثة انسانية ستؤدي بالبشرية لا محالة الى الهلاك أو كما تسمية بعض الجهات الطبية العالمية بالسلاح الأكيد لتدمير البشرية كما حدث لقوم لوط وغيرهم.
لا أعتقد بتاتا أن دولنا العربية والخليجية بالذات بحاجة الى زيادة عدد النساء وتقليل عدد الرجال أو لرفع نسب الأمراض الجسدية والنفسية والاجتماعية لمواطنيها، بالإضافة إلى الكوارث الصحية المصاحبة للانحرافات السلوكية الشاذة وتفكك الأسر وخفض نسب المواليد مما سيفتك بقوة ووجود الدول، نحن بحاجة لتصدي الحكومات ورجال الدين لهذا الخطر بوعي وحسم وألا يكون مركزا للتكسب والاستعراض الاعلامي من قبل السياسيين وأشباه رجال الدين وأن توضع حلول واقعية ومدروسة لحماية الوطن والمواطنين. [email protected]