بداية نقول لكم كل عام وأنتم بخير وتقبل الله صيامكم وقيامكم فـــي هـذا الشهر الفضيل، وسامــحوني على هذا الانقطاع الخارج عن إرادتنا، يبدو أن الساعة البيولوجية الخاصة بكتابة المقالات بحاجة للمزيد من الضبط في رمضان، من دون مقدمات زيادة أعتقد أنكم في هذه الأيام لاحظتم بالتأكيد ازدياد ظاهرة الأطفال الذين يبيعون البطيخ - أو الرقي بلهجتنا - في شوارعنا من جنسيات عربية معينة، كل على حسب منطقته، ويبدو أن أعدادهم في ازدياد مطرد على الرغـم من مكافحة البلدية لظاهرة الباعة الجائلين هذه.
بغض النظر عن قانونية هذا العمل، أتناول في هذا المقال الزاوية الإنسانية للموضوع، تتخيلوا معي أن يقوم ولي أمر بحبس ابنه تحت الشمس على الدوار أو عند إشارة المرور وهو في سن المراهقة من دون ماء ولا غذاء ولا حتى غطاء للرأس فقط ليبيع هذا الرقي أو البطيخ، تحت هذا الحر ونحن الآن في صيام أيضا، مع العلم أن أكثرهم يقول إنه من غير المسموح له أن يرجع للبيت من دون بيع كل البطيخ دون أدنى اهتمام بصحة هذا الولد المسكين ومعاناته، يبدو الأمر لي تعذيبا ممنهجا أقرب منه إلى التجارة، تعذيب بشع لهذه الطفولة فقط من أجل حفنة دنانير، وإن لم يكن تعذيبا فهو شحاتة بطريقة أخرى، المهم أنه ليس تجارة على الإطلاق.
الكثير مــن أهل الخير يحاول أن يشتري أكبر قدر من هذا البطيخ حتى يرجع هذا الطفل إلى بيته وينـهي معاناته مع الحر، ولكن المفاجأة أن نفـس الطــفل يكون موجودا بنفس المكان في اليوم التالي، ذلك الأب الجشع، مهما كان السبب هذا الأمر بالنسبة لي تـــعذيب وعمل غير إنساني يجب محاسبة فاعله، نحن لا نزال في شهر 5، بعد رمضان ومع دخول شهر 7 و8 سيكون هذا الأمر جحيما على هؤلاء الصبية، لا قدر الله ضربة شمس أو هبوط بالسكر أو إجهاد حراري، كل هذا وارد، والضحية ذلك الطفل المسكين المغلوب على أمره، ارحموا من في الأرض يا سادة، شراء البطيخ كله وكل يوم لن يفيد هؤلاء الصغار بل يجب معاقبة أولياء أمور هؤلاء على ما اقترفوه بحق الطفولة وإنسانية تلك المجاميع الضــعيفة، وزارة الداخلية والبلدية على وجه الخصوص، انتم المقصودون بهذا المقال أرجوكم تحركوا قبل أن تسمعوا أن هناك طفلا ميتا بالقرب من إشارة المرور بسبب الحر والعطش، أرجو ألا يحدث هذا طبعا، والله من وراء القصد والسلام.