أنهيت للتو كتابا بعنوان «بيان المدن المستدامة»، مؤلف الكتاب هو المؤسس الرئيسي والشريك الأساسي للمكتب الهندسي الألماني «ألبرت سبيير» وهو على حسب ما قرأت من أعرق المكاتب الاستشارية المتخصصة في هندسة المدن الجديدة وإعادة هندسة المدن القديمة، أعجبتني فكرة الكتاب وأسلوب الكاتب في تبيان معنى كلمة «استدامة» عند تصميم المدن وهندستها، ورحت في خيالي أسقطت ما قرأته على واقعنا، وواقع بلدياتنا وشوارعنا ومناطقنا هنا بالكويت.
في البداية، من البديهي أن من يخطط لهندسة مدينة ما أن يضع في الحسبان أن المدينة وجدت لتدوم عقودا من الزمن، فالأمر ليس فيه مجال للتفكير بأقل من ذلك، ولأجل أن تدوم المدينة يجب المحافظة على أربعة عناصر رئيسية (العمل والسكن والمواصلات والترفيه)، ولو أسقطت كل ذلك على واقعنا الحالي، أقول الحالي، لوجدت أننا فشلنا فشلا ذريعا في العناصر الأربعة، لا يختلف اثنان على أن تصميم المناطق السكنية في الكويت قديما كان أفضل من وقتنا الحال ربما لظروف كثيرة، انظروا فقط للشوارع في مناطق العديلية أو الشويخ أو الروضة، وقارنوها بشوارع المناطق الجديدة حاليا، انظروا الى مواقع المدارس بمختلف مراحلها هناك وقارنوها بالمناطق الجديدة، هل يعقل أن توجد ثلاث مدارس بمختلف المراحل في شارع واحد مع فرع الجمعية ومسجد المنطقة أيضا، على نفس الخط؟ ماذا تتوقعون أن يحدث في هذا الشارع الساعة الواحدة ظهرا مثلا؟
لا شك أنكم تلاحظون أننا كموظفين في القطاعين العام أو الخاص نفقد الكثير من الساعات في زحمة السير ذهابا وإيابا كل يوم والدائري الرابع يشهد على ذلك، فوضى التخطيط العمراني وفوضى البلديات التي أصابتنا في الكويت بعد العام ٢٠٠٠ جعلت دخول بعض المناطق في ساعات الذروة من الأمور العظام، حولي وخيطان مثلا، ويبدو أن الأمر في تفاقم مع نظام تفشي الواسطة وندرة الأراضي المخصصة للبنيان على الرغم من انتشار الصحراء في كل مكان، أرجو ألا تنتظروا نموا اقتصاديا حقيقيا في هذه البيئة، الحل الآن في يد الحكومة بعد أن فشل المجلس البلدي أمام «الفوضى الخلاقة» التي تعانيها مناطقنا، يا ترى هل السادة المسؤولون يشعرون بذلك ويرون ما نرى كل صباح مع الزحام، أم أن تنقلات معاليهم بالهليكوبتر؟! ودمتم.