هذا المشهد السريالي والمأساوي في نفس الوقت للأسف يتكرر بشكل دوري في معيشتنا، كل سنة صيفا نعاني نحن الكويتيين الصامدين في هذا الحر داخل الديرة، أقول كل سنة نعاني من موجات الغبار التي تجتاح البلاد، الأجواء مغبرة طوال الصيف ناهيك عن الرطوبة، كان الرب في عون مرضى الربو، لكن هذه السنة كانت موجات الغبار أشد من سابقتها، ربما لندرة الأمطار في موسم الشتاء الماضي، او ربما للضرر الذي لحق بالبيئة نتيجة التخييم شتاء وما يصاحب هذه العملية من تفكيك ممنهج للتربة .
اعتدت أن أقود سيارتي على طريق الشاليهات ذهابا وإيابا وكنت الحظ تلك الكثبان الرملية تقترب من الخط السريع شيئا فشيئا كل سنة ولا شيء يردعها، إذ لا يوجد أي غطاء نباتي يذكر او ذي قيمة على جانبي الطريق اللهم الا بعض الأشجار القديمة والبالية والمحزن شكلها، سواء على خط الوفرة، أو العبدلي، او حتى الجواخير، صحراء فضاء على مد البصر وأمواج رملية تحركها الرياح من الشمال لليمين ومن اليمين الى الشمال، هذه السنة بالذات كانت الأسوأ، بالإضافة الى درجات الحرارة العالية التي قاربت الخمسين في الظل كان الغبار الكثيف الذي غطى شوارع بأكملها وأزالها عن الخريطة تماما، وجزى الله خيرا عمنا جوجل مابز وخاصية تحديد الأمان في الواتساب.
تلك المدن الجديدة جنوب الكويت حديثة البناء، عانت الأمرين على طريق الشاليهات، مدينة صباح الأحمد والوفرة السكنية او مزارع الوفرة او الخيران، ضاعت شوارعها تماما تحت التراب وصار ارتفاع الغبار الذي يغطي الأسفلت اكثر من شبر فوقه وقطع الطريق المؤدي لتلك المناطق و(غرزت) بعض السيارات في هذا الرمل، وأصبح من المألوف جدا رؤية حفار وهو يزيل أكوام التراب من منتصف الشارع ويلقيها على جوانب الطريق، كنت قد سافرت مرة الى الإمارات بالسيارة ورأيت اهتماما كبيرا بالخطوط السريعة هناك، تجد أربعة صفوف من الأشجار والمزروعات على جوانب الطريق لماذا لا نستنسخ تجربتهم في هذا الامر والامكانيات موجودة والدافع موجود، استمعت الى الاستاذ عيسى رمضان وهو يتناول هذا الأمر اكثر من مرة وظننت انه يبالغ والحقيقة انه كان على صواب، لا خيار أمامنا سوى زراعة شوارعنا و(الاستثمار) في بيئتنا رفقة بحالنا وحتى لا تتكرر هذه المأساة بالمستقبل او نحد من شدتها على الأقل، والا يعني عاجبكم هذا الحال يا حكومة؟!