تعتبر الحياة الزوجية السعيدة مطلبا نفيسا في هذا الزمن، بل قد تكون في بعض الأحيان عملة صعبة جدا وشيئا مفقودا، وذلك نتيجة سرعة الحياة والمتغيرات الكثيرة والكبيرة، بالإضافة إلى بعض العادات والتقاليد التي أثرت عليها، وإذا كانت الأسرة تعيش حياة سعيدة فإن ذلك يؤدي إلى الاستقرار والراحة لكلا الطرفين، ومتى ما كانت غير ذلك انعدم الاستقرار لكل أفراد الأسرة.
والعلاقة الزوجية عبارة عن علاقة متينة وقوية، بل فيها من السمو الروحي والخلقي الشيء الكبير والكثير، ويجب المحافظة والاهتمام بهذه العلاقة الزوجية وعدم التقصير فيها، حتى تدوم المحبة والألفة بين الطرفين، ولا يأتي هذا التفاهم إلا من خلال أن يقوم كل طرف بما له وما عليه من واجبات وحقوق تجاه الآخر، ولو قام كل طرف بما له وما عليه من واجبات وحقوق لما رأينا كل هذه المشاكل الزوجية في المحاكم والصحف والقنوات التلفزيونية.
فللأسف هناك بعض الأزواج إذا دخل بيته شعر من بداخله كأن الدنيا وقعت عليهم بمصائبها نتيجة عبوس وجه ذلك الزوج، وسوء خلقه مع زوجته وأولاده، ولا يعرف في بيته إلا لغة واحدة وهي لغة الطلبات والأوامر والنواهي، وتجده سريع الغضب بطيء الرضا، لايعرف من لغة الرفق والرحمة شيئا، وهناك بعض الزوجات تحمّل زوجها ما لا يطيق، فتتأمر عليه وكأنه خادم ذليل مسكين، وويل له لو أبدى رأيه أو رفض طلباتها، في كل يوم طلب جديد، وقائمة طويلة وكبيرة من الطلبات والمشتريات، وإذا دخل الرجل إلى بيته وجد شعرها كما يقول نزار قباني (كسنابل تركت بغير حصاد) لا تهتم بنفسها ولا بشعرها في بيتها، وإذا خرجت فكأنها تريد الدخول بمسابقة ملكات الجمال، لا تهتم بالأولاد، لا تعرف إلا لغة الخروج مع الصديقات، وإذا غضبت فتحتاج شهرا لإرضائها.
وأعتقد أن من أهم الأمور المسببة لتعاسة الحياة الزوجية هي كما يقول الكاتب أنيس منصور، في مقاله المنشور في جريدة الشرق الأوسط عدد 11449، أن «اثنين لم يكن يعرف أحدهما الآخر، وفي المجتمعات الشرقية يتم التعارف بسرعة والزواج أيضا» وهو أمر في غاية الأهمية، كيف لرجل وامرأة لم يشاهدا بعضهما إلا في يوم الزواج والعرس، كيف يمكن أن يكون هناك استقرار أو سعادة لهما، وقد تكون حياة زوجية سعيدة بينهما ولكن في الأغلب لا تكون كذلك وهي نتيجة طبيعية لعدم معرفة كل طرف بالآخر، والتدريب قبل الإقدام على الزواج أمر مهم، وقراءة الكتب في هذا المجال له أهمية خاصة، خاصة الكتب التي ترشد الطرفين لطبيعة نفسية الآخر مثل كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهزهة»، وهو كتاب يساعد كل طرف على الارتقاء ومعرفة علاقة كل طرف بالآخر، وهو كتب يستحق القراءة.
روى الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، والسعادة الزوجية لا تكون في نوع المأكل والملبس والمشرب والمنزل الفاخر، وإنما تكون بالمحبة والتعاون والألفة والمودة والرحمة والتسامح والرفق في كل الأمور.
[email protected]