خطاب الرئيس باراك حسين أوباما، الذي ألقاه في جامعة القاهرة العام الماضي للعالم العربي والإسلامي كان خطابا مميزا وحمل في طياته أبعادا كثيرة، حيث مثل الخطاب مبادرة حسن نية من الولايات المتحدة الأميركية تجاه العالم العربي والإسلامي، وكان الخطاب بعد سلفه السابق «بوش» الابن، الذي قسم العالم إلى قسمين وفسطاطين «من لم يكن معنا فهو ضدنا»، وبين الرئيس أوباما في خطابه دور العرب في نهضة الأمة والعالم أجمع، حيث إنهم كانوا منارات هدى ورشاد للبشرية أجمع.
ولكن ماذا عن العرب أنفسهم، وماذا يريدون من الولايات المتحدة الأميركية تجاه قضاياهم الأساسية والمصيرية، والرئيس أوباما له نوايا حسنة تجاه العالم العربي والاسلامي قد ذكرها في مناسبات كثيرة، وعلينا أن نستفيد منها، ويجب أن نعمل بجد واجتهاد للتعاون معه، ودورنا كعرب يعتبر أساسيا إن لم يكن مفصليا، لأننا لا ندري ماذا يخبئ المستقبل لنا في ظل عدم تحركنا تجاه قضايانا، لقد مد الرجل يده لنا، لكن ماذا نحن فاعلون، أين أصحاب السياسة والقرار؟، لماذا لا يبادرونه التحية بتحية أحسن منها، ونحن نرى ونسمع ليل نهار كيف أن الكيان الصهيوني الغاصب يعربد في فلسطين، وجعل ينتزع من أصحاب الدور دورهم، على مرأى ومسمع العالم العربي.
يجب علينا أن ندرك ونعي جيدا أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لا تعجبها سياسة البيت الأبيض تجاه القضايا العربية والفلسطينية تحديدا، وهي تحاول كسب الوقت لتغيير المعادلات داخل الولايات المتحدة الأميركية، ولأنها تعي جيدا أن النظام الأميركي قائم على المؤسسات، فهي تتحرك من طريق «الأيباك» وهي اختصار للجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية، وهي من أقوى جمعيات الضغط على الكونغرس الأميركي، وهدفها الأساسي تقديم المعونة والدعم للكيان الصهيوني الغاصب في إسرائيل، ومن أهدافها خدمة الكيان الصهيوني وممارسة الضغوط ضد أي توجه لا يتماشى مع سياساتها الحمقاء، وإيجاد قيادات للمستقبل تتبنى الفكر الصهيوني، والجدير بالذكر أن بها أعضاء من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، كما أن إسرائيل تعي جيدا أدوات اللعبة السياسية وخاصة الضغط على أصحاب القرار، لماذا لا تكون للعالم العربي أدوات ضغط سياسية مشابهة لأدوات الكيان الصهيوني، ولماذا لا نجيد السياسة وفن الممكن على الأقل؟
العرب اليوم مطالبون وقبل أي وقت آخر بالتعاون مع أوباما، لأنه يريد إرساء دعائم الاستقرار الاقتصادي والسياسي على حد سواء، ويريد بناء تحالفات وشراكات قائمة على المصلحة بين أميركا والعالم العربي، وانه مازال ينهج نهج الرئيس كلينتون في الاعتماد على العلاقات الدولية والقوة الذكية والتركيز على الديبلوماسية وحقوق الإنسان حول العالم أجمع، يجب أن نتوقف عن محاربته في وسائل الإعلام المختلفة، إن الوقت بدأ بالنفاد، والكيان الصهيوني بدأ يوسع المستوطنات، وعلينا ألا ننسى أن أميركا تريد سحب قواتها من العراق قبل عام 2012، فماذا أعددنا لذلك اليوم، لو لم يكن هناك استقرار لا قدر الله؟
ويجب أن نتقدم بالشكر لمجلس العلاقات العربية الدولية، حيث ذكر رئيس المجلس محمد الصقر أن المجلس سيرسل وفدا عربيا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وذلك للالتقاء بأصحاب القرار من رجال السياسة والعلاقات العامة والإعلام، لشرح القضايا العربية العادلة للساسة، وهذه خطوة أولى في الاتجاه الصحيح والسليم، ونتمنى أن تتبعها خطوات قادمة.
[email protected]