تعرف حوكمة الشركات بأنها «إخضاع الشركات المساهمة للقوانين الرسمية التي تفرض المراقبة والمتابعة وضمان أن تتسم بيانات تلك الشركات وممارساتها الادارية والمالية بأقصى درجات الإفصاح والشفافية حماية لحقوق المساهمين فيها»، وقد أكدت الأزمة المالية العالمية وبما لا يدع مجالا للشك على أهمية تطبيق نظام حوكمة الشركات فيها، وتعتبر الحوكمة أحد الأمور المفصلية للخروج من آثار هذه الأزمة المالية وتداعياتها المستقبلية، أو حتى إذا حصلت أي أزمة قادمة لا قدر الله نتيجة ديون الدول الأوروبية.
والأزمة المالية العالمية، قد يمكن وصفها بأنها كانت أزمة ثقة كبيرة وسحيقة بين الشركات والمساهمين، وأدت إلى ظهور العديد من المشاكل وبروزها على السطح، أثناء الأزمة خصوصا، وتتضمن هذه المشاكل عمليات ومعاملات الموظفين الداخليين والأقارب والأصدقاء وتداخل الاختصاصات فيها وسوء التصرف بمقدرات المساهمين، وتأسيس شركات ليس لها مقر ولا موظفون ولا أي شيء ، وأخذت هذه الشركات مبالغ هائلة من الديون قصيرة الأجل، وتم استثمارها في استثمارات طويلة الأجل، مع حرصها على عدم معرفة المساهمين بهذه الأمور الخفية وإخفاء هذه الديون من خلال طرق ونظم ملتوية.
وكما أن الأحداث الأخيرة ابتداء بفضيحة «مادوف» وما تلا ذلك من سلسلة اكتشافات تلاعب الشركات في قوائهما المالية، أظهر بوضوح أهمية تطبيق نظام حكومة الشركات حتى في الدول التي كان من المعتاد اعتبارها أسواقا مالية يشار إليها بالبنان، وأعتقد أننا بالكويت في أمس الحاجة لتطبيق الحوكمة بالشركات، وأن نتوقف عن إلقاء اللوم على الأزمة المالية العالمية ونقول إنها مجرد أزمة سيولة، حيث إن العديد من أمراض الشركات سببها إداري «باطني» بل وقلة الحصافة الإدارية، وسوء التخطيط، واختيار أناس لا يتمتعون بدرجة عالية من المهنية والكفاءة.
أعتقد أنه بات من الضروري تطبيق حوكمة الشركات لدينا في الكويت، حيث إنها ستساهم مساهمة فعالة في الارتقاء بالأداء، وتقليل المخاطر، والأهم من ذلك تحسين وترشيد القيادة ،وزيادة مساحة الشفافية، وغيرها من الأمور الأساسية والمهمة، وحتى لا نرى في المستقبل شركات مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية وكل أصولها تتكون من كرتون متوسط الحجم يتم تسليمه لمجلس الإدارة الجديد.
[email protected]