الطاقة النووية السلمية تعتبر من أفضل أنواع الطاقات المتجددة النظيفة والصديقة للبيئة في الوقت نفسه، وتعتمد عليها الكثير من الدول المتقدمة في العالم لتلبية احتياجات ومتطلبات الطاقة لديها، وفي الوقت نفسه هناك تخوف في الدول المستخدمة لهذه التكنولوجيا من التسربات الإشعاعية النووية المحتملة «لا قدر الله» من هذه المفاعلات والتي تحدث نتيجة بعض الأخطاء وتتسبب في كوارث عنيفة على مستوى البيئة والناس، ويجب الحذر عند الشروع ببنائها، وهناك دول خليجية بدأت تخطو خطوات حثيثة باتجاه هذه الطاقة النووية المستخدمة لأغراض سلمية، وهي السعودية والإمارات والكويت.
أما السعودية فقد دخلت مجال الطاقة النووية السلمية، وذلك بإنشائها أول جهة رسمية يوكل إليها إدارة هذا الأمر من خلال الإعلان عن تأسيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والتي صدر بها أمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين، وهي خطوة جدا مهمة تخطوها المملكة العربية السعودية بهذا الاتجاه، وذلك لمواجهة هذا النمو الكبير لديها من مشاريع طموحة مختلفة المجالات، وقال وزير البترول والثروة المعدنية السعودي «إن المملكة تشهد نموا مضطردا وبمعدلات عالية للطلب على الكهرباء والمياه المحلاة وذلك نتيجة للنمو السكاني والأسعار المدعومة للمياه والكهرباء، ويقابل هذا الطلب المتنامي على الكهرباء والماء احتياج متزايد على الموارد الهيدروكربونية الناضبة لاستخدامها في توليد الكهرباء وتحلية المياه، ولذلك فإن استخدام مصادر بديلة مستدامة وموثوقة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة يقلل من الاعتماد على الموارد الهيدروكربونية، وبالتالي يوفر ضمانا إضافيا لإنتاج الماء والكهرباء في المستقبل ويوفر في الوقت ذاته الموارد الهيدروكربونية الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة عمرها وبالتالي ابقاؤها مصدرا للدخل لفترة أطول».
ودولة الإمارات لم تكن بعيدة عن ذلك، حيث أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان القانون رقم «21» لسنة 2009 بإنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، برأسمال قدره 375 مليون درهم، معلنا عن البرنامج النووي السلمي، والذي يهدف لإنتاج الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة، وقد اختارت الإمارات تحالف الشركات الذي ترأسه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» وذلك للقيام بتصميم وبناء والمساعدة في تشغيل محطات الطاقة النووية، وبموجب هذا الاتفاق الكوري ـ الإماراتي، سيقوم اتحاد كوري جنوبي تقوده مؤسسة «كيبكو»، ببناء 4 مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف، سعة كل منهما «1400 ميغاوات» في غضون 10 سنوات بقيمة تجاوزت 20 مليار دولار، ومن المزمع التوقيع على المزيد من العقود، وذلك لتشغيل وصيانة وتزويد وقود مفاعلات نووية خلال 60 عاما من التشغيل، والعقد الإماراتي يعتبر أول عقد نووي تتوصل له دولة عربية، وسيكون بالتأكيد مؤثرا على العقود العربية والخليجية الأخرى كونه كان متميزا.
أما الكويت فقد دخلت هذا المجال النووي، وذلك بإنشائها اللجنة الوطنية لدراسة المشروع النووي الكويتي، وأعتقد أنه من الحكمة أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، خاصة الإمارات العربية، حيث ان عقدها مع الشركة الكورية كان مميزا من عدة جوانب، من حيث الكفاءة والتصميم والأمن والسلامة، وذلك للحد من آثار الانبعاثات الإشعاعية، وأن التصميم الكوري من أفصل التصاميم المقدمة خاصة أن الشركة الكورية تعتبر ثالث أكبر شركة عالمية في هذا المجال، هذا بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي، حيث تم إعطاء الجانب الكوري جزءا من المشروع وأصبح شريكا في هذا الأمر، مما يساعد ويساهم في تجويد عملية البناء بالإضافة إلى الانتهاء في الوقت المحدد.
أعتقد أنه آن الأوان للتفكير بالأمن القومي الخليجي، وذلك لعدة اعتبارات سياسية اقتصادية، اجتماعية جغرافية مصيرية، وهذا التكامل لو تم مع وجود النووي الخليجي، سيساهم في عمل توازن في المنطقة، حيث ان هناك أطرافا بدأت منذ فترة كبيرة في مثل هذه المشاريع، أو قد تكون قد امتلكتها فعلا، فوجود النووي الخليجي سيكون مهما جدا أمام هذه الدول.
[email protected]