يقال إن الإنسان العاقل هو الذي يستفيد من الأزمات والتجارب التي تحدث له، ولكن يبدو أننا لا نريد الاستفادة من هذه التجارب أو قد لا نجيدها أصلا، فبعد سنتين من الأزمة المالية العالمية مازلنا نراوح في مكاننا، في حين أن الآخرين الذين كان وضعهم أسوأ منا بكثير سبقونا، بل كانت لديهم من الحصافة أن اعترفوا بالأزمة بداية، ثم واجهوها بكل حزم وجد، وتمت محاسبة المقصرين، وإكرام المجتهدين.
ومن يلقى نظرة على وضع الشركات يعي ما أقوله جيدا، فهناك رؤساء تنفيذيون أضاعوا الأمانة ومازالوا يضيعونها دون حسيب أو رقيب وهم يجلسون خلف الأبواب المغلقة، بانتظار الفرج القريب مع ارتفاع الأسواق، ولكن دون أدنى شك فإن رجاءه سيخيب في النهاية، ولو علم هذا الرئيس أن هناك محاسبة جادة له لما فعل ما فعل، فهل يعقل أن يتم تأسيس شركات، وتتم المساهمة فيها من قبل المساهمين وأموال أيتام وأرامل ومواطنين «على قد حالهم»، ثم يتولى زمام هذه الشركة إنسان يتوقع منه أن يكون صادقا وأمينا، فيقوم ويعبث بهذه الأموال طولا وعرضا، بل ويحول هذه الشركة المساهمة إلى شركة عائلية وطائفية وحزبية من خلال التعيينات والترقيات، وبعد كل هذه المصائب يترك بممارسة أعماله حرا طليقا دون محاسبة تذكر، أو يترك الشركة بلا رجعة ولا تجد من يسأله عن الأمانة التي ضيعها، أو يحاسبه على تقصيره، وكل هذا النوع الفساد ناتج عن نقص القيم، وعدم وجود توجه للرأي العام وعدم تطبيق القانون على هؤلاء المتجاوزين، أو تجد البعض منهم يقدم النصائح والمشورة في الاستثمار ليل نهار، مع أنه غارق حتى النخاع في ديون لا يستطيع الفكاك منها أو حتى الوفاء بها على الأقل، وبعد كل هذه الممارسات يطلب من أصحاب القرار إدخاله في مشاريع التنمية.
وكما يقول المثل «أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أصلا»، فخروج قانون هيئة سوق المال شىء جيد، والمسؤولية الملقاة على عاتق هيئة سوق المال جدا كبيرة، وهي مسؤولة في البداية عن وضع خارطة الطريق لها في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على أموال المساهمين صغارا وكبارا من الرؤساء التنفيذيين الذين ضيعوا الأمانة، وبددوا أحلام المستثمرين، وأعتقد أن السيد صالح الفلاح قادر على إدارة هيئة سوق المال بكل مهنية وكفاءة، وقد آن الأوان لتطبيق القوانين على المتجاوزين، وأتمنى أن يتم ذلك.
وصلنا إيميل من العم علي الموسى، والذي أصبح اليوم عملة نادرة في أدائه وقبل ذلك في مدى الشفافية التي يتمتع بها، وهو يعتبر نموذجا يستحق الاقتداء به، على مقال سابق يقول فيه: الأخ الفاضل عبالعزيز الكندري، السلام عليكم: بداية لكم جزيل الشكر على مقالتكم والتي تضمنت الكثير من الإشادة على أمر هو واجب علي وليس لي فيه فضل ولا منة وكنت ومازلت أتمنى أن أقدم أكثر إلى مساهمي الشركة وأن أدفع إلى المزيد من الشفافية في ثقافة الاستثمار في الكويت، وآمل أن تطلع على تقارير شركة مبادلة في أبوظبي والتي حصلت على 10/10 في التقييم الدولي للشفافية، ومع أطيب التمنيات.
[email protected]