أوصت امرأة ابنتها قبل أن تخرج لبيت الزوجية بعشر وصايا فقالت لها: اصحبيه بالقناعة، وكوني معه بحسن السمع والطاعة، وتفقدي مواقع عينه وأنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح، والتفتي إلى وقت طعامه وشرابه فإن الجوع ملهبة، وتنغيص النوم ملهبة، وعليك احترام ماله والاهتمام بحشمة عياله، فإن ملاك الأمر في المال حسن التقدير وفي العيال حسن التدبير، وإياك والفرح بين يديه إذا كان مغتما، وإياك والاغتمام إذا كان فرحا، واعلمي أخيرا أنك لن تنالي منه ما تريدين حتى تؤثري هواه على هواك ورضاه على رضاك.
وأوصى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ابنته فقال: إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق وإياك، وكثرة العتب فإنه يورث البغضاء، وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة وأطيب الطيب الماء.
وقال أبو الدرداء لامرأته: «إذا رأيتني غضبت فأرضني وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب».
يالها من وصايا تكتب بماء الذهب! وأصبحنا اليوم لا نسمع مثل هذه الوصايا القيمة، فكانت النتيجة أمراضا اجتماعية كبيرة وكثيرة وخلافات عائلية بسبب لا شىء إلا الفراغ والخواء الفكري وعدم تحمل المسؤولية، وعدم اهتمام البيت في الأساس بهذه الأمور والوصايا الرئيسية، بل تخرج بعض الوصايا من الأم تقول فيها لابنتها الزوجة قبل أن تزف لبيت الزوجية «لا تدعي في جيبه دينارا واحدا»!
أما حال الرجال فحدث ولا حرج، قبل الزواج يسهر الرجل الليالي خارج المنزل، يسافر متى تعكر مزاجه، سريع الغضب، وعندما يتزوج يقوم ويمارس أعماله وسهره خارج المنزل وكأنه غير مسؤول عن أحد، فكانت النتيجة هي خروج طبقة جديدةء تسمى «المتزوجون العزاب»، وهو متزوج فعلا ولكنه مع كل أسف يمارس حياة العزوبية، ويتعاطى تعاطيا سطحيا مع مثل هذه الأمور المهمة.
وكتب مشعل السديري مقالا بعنوان «الرجال الأرانب» في جريدة الشرق الأوسط، يقول فيه: تزوج رجل امرأة أخرى في السر ـ والاحتمال أنه مسيار ـ وبعد فترة طويلة أحست به امرأته الأولى إلا أنها قالت في نفسها: «لن أزعجه ولن أنكد عليه»، وتركت الأمور تسير على ما هي عليه، ثم توفي الزوج، وبعد وفاته قالت لأكبر أبنائها: «إن أباك متزوج من أخرى، فخذ مائة ألف وأعطها لامرأة أبيك، وقل هذه دفعة من الميراث أصلحوا بها شأنكم إلى أن يتم توزيع الإرث»، فلما سأل واستقصى وعرف مكان زوجة أبيه، ذهب إليها وقابلها، فقالت له: «ارجع بالشيك لأمك وبلغها سلامي وشكري وتقديري لها، فلقد ـ والله ـ طلقني والدك قبل عام ونصف العام»، قال: «خذيه لإخوتي إذن»، قالت «إنني لم أرزق منه بأولاد، فلا حق لي فيه».
لا أدري أي أعصاب فولاذية تملكها الزوجة الأولى، وأي ضمير صادق تملكه الزوجة الثانية، ولاشك يقينا أن المرأتين كانتا أفضل بمراحل من ذلك الزوج «الأرنب»، وما أكثر الرجال الأرانب في هذه الأيام، وحاشا لله أن أكون من زمرتهم.
خاتمة: كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» يستحق القراءة من كل شخص مقبل على الزواج، أو حتى من المتزوجين من قبل، لأنه كتاب يرشد لكيفية استكشاف حاجاتنا وكيفية نقل المشاعر مع بعض والكثير من الأمور الحياتية المهمة.
[email protected]