عبدالعزيز الكندري
خطاب الرئيس باراك حسين اوباما الرئيس الـ 44 للولايات المتحدة الاميركية الذي ألقاه من جامعة القاهرة كان خطابا غير عادي، من رئيس أسود وابن لرجل مسلم عاش في بعض البلدان الاسلامية، وقد وعد به منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث شاهده وتابعه الكثيرون من العالم العربي، وهو اول خطاب يوجهه الرئيس الاميركي للعالم الاسلامي، وكان متوازنا ومتزنا ويمثل بادرة حسن نية، وجاء في مرحلة من اسوأ المراحل في العلاقة بين الولايات المتحدة الاميركية والعالم الاسلامي، ويعتبر اسلوب الخطاب واضحا وصريحا ومحددا في قضايا معينة واتسم بالسلاسة والشمول، واعد الخطاب بطريقة فنية ذكية عالية، بالاضافة الى كارزمة الرئيس اوباما التي اضفت على الخطاب طابعا ولونا خاصا، ساعد في ايصال الافكار بكل وضوح، وأعتقد انه أعد من علماء نفس لهم خبرة في سبر الاغوار البشرية ومن عدة اديان.
تطرق الرئيس اوباما الى محاور عدة في اللقاء، وهي الحديث عن احداث 11 سبتمبر وبناء علاقة جديدة ومتينة مع العالم الاسلامي، والوضع في افغانستان والعراق وتعهد باغلاق معتقل غوانتانامو وعرج على الموضوع الشائك وهو القضية الفلسطينية، و«السلاح النووي الايراني» كان بارزا في الخطاب، وارساء دعائم الديموقراطية والحريات الدينية وحقوق المرأة والتنمية الاقتصادية حيث وعد بانشاء صندوق لتعزيز التعليم التقني في العالم الاسلامي وقال: «ان التغيير لن يحدث بين ليلة وضحاها».
اعتقد ان الرئيس اوباما يريد ارساء دعائم الاستقرار الاقتصادي ووضع حد للمغامرات المكلفة خاصة في العراق اذ ذكر انه سيسحب الجنود قبل نهاية 2012، وهو يختلف كثيرا عن الرئيس بوش الابن الذي قسم العالم الى فسطاطين ولونين اسود وابيض ومن لم يكن معنا فهو ضدنا، وتحدث عن بناء شراكة وتحالفات مع العالم العربي والاسلامي، وانه سينتهج نهج الرئيس كلينتون في الاعتماد على العلاقات الدولية والقوة الذكية والتركيز على الديبلوماسية وحقوق الانسان حول العالم.
ولكن هناك وقفة لابد من الحديث عنها وهي ماذا يريد العالم العربي والاسلامي تجاه قضاياه المهمة والمصيرية؟ وهناك سؤال جوهري وحيوي ماذا نريد نحن من الآخر؟ الآخر حدد بالضبط ما يريد، ولماذا لا نحدد نحن ما نريد؟ لماذا ننتظر ماذا سيفعل ويقرر الآخرون بنا؟ اين المبادرة التي لدينا في قضايانا المختلفة والكثيرة والشائكة في الوقت نفسه؟ ما رؤيتنا للقضية الفلسطينية والسلام في المنطقة على سبيل المثال؟ والى متى يتحكم بنا الآخرون وليس نحن؟!
خطاب الرئيس اوباما سيمثل فاصلا بين من يريد العمل ومن لا يريد ذلك، وسيكون خطابا تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن ماذا نحن فاعلون؟ اعتقد ان الخطاب سيكون قاسيا على الذي لا يتحرك ولا يبادر ويبقى ساكنا، وكأنه يخشى علينا من الهوة الهائلة بين العلم والتنمية والتكنولوجيا التي بيننا وبين العالم الغربي، نحن فعلا نعيش على هذه الارض ولكن ليس بعقلية العالم التقنية والعلمية الحديثة المنفتحة على الآخر، يجب ان ندرك ونعلم جيدا ان العالم يتغير من حولنا، ومن يغفل عن الجديد يتأخر.