تم انتخاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى رئيسا لحزب العدالة والتنمية لمدة اربع سنوات مقبلة، وكان ذلك في المؤتمر الثالث للحزب الذي عقد في انقرة، وقد حصل على اصوات كل المشاركين، وقد تحدث اردوغان في هذه المناسبة حيث ذكر ما مرت به البلاد منذ أواخر 2002 عند تسلم الحزب السلطة، وتطرق لعدة مجالات سياسية واقتصادية وغيرها من مواضيع، علما ان اردوغان يتمتع بشعبية عالية وتسلم بلدية اسطنبول لمدة اربع سنوات وقد احدث نقلة نوعية فيها.
وفي احدى زيارات مهندس الخارجية التركي البروفيسور احمد داود اوغلو الى القاهرة، شرح اهداف السياسة الخارجية التركية وحددها في مجموعة مبادئ، وهي القيام بدور كبير وفعال في حل المشاكل العالمية، والقيام بدور نشط في المؤسسات الدولية، وبناء علاقات متينة ومبنية على الشراكة والتكامل مع الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي على حد سواء، وعمل توازن دقيق بين الامن والحرية يقوم على التمازج بين الدولة والامة، وحل جميع مشاكل دول الجوار، وعمل ديبلوماسية نشطة مع الدول المجاورة والمحيطة، وتم فتح اكثر من 30 سفارة في قارة افريقيا وحدها.
ان الدور التركي الآن لا يخفى على المتابع للمنطقة، فحضورها بالمنطقة العربية لافت وقوي وفعال، فتجدها في القضية الفلسطينية لها دور كبير وايضا في قضية النووي الايراني ومحاولة حل المسائل العراقية السورية، والأمن بالمنطقة مما جعلها بجانب ومصاف الدول الكبيرة، واي فرصة تكون مؤاتية لا تتركها تركيا اليوم وتحاول الدخول فيها وحل ما فيها من مشاكل، واعتقد ان هذه هي فلسفة حزب العدالة والتنمية.
أظن أن اردوغان نجح نجاحا كبيرا في رئاسة الوزراء، وغير مواقف كثيرة من الناس والعرب تجاه السياسة الخارجية والداخلية التركية، والتي كانت لا تلقى اهمية كبيرة لدى المراقبين قبل تسلم حزب العدالة والتنمية، مما جعل الكثيرين ينادون بالنموذج التركي مثالا جيدا للتطبيق داخل دول المنطقة العربية، وقد شهدت تركيا تغيرا كبيرا وجذريا منذ وصول هذا الحزب الى الحكم، وهو تغيير ليس بسيطا في نظرة الشارع العربي لها.
يبدو ان مكتسبات حزب العدالة والتنمية ليست فقط خارجية وانما داخلية ايضا، وذلك نتيجة طبيعية للاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتوفير العيش الكريم للانسان التركي، اضافة الى ان اردوغان رئيس للحزب والوزراء على حد سواء والذي يتمتع بشخصية وكاريزما غير عادية، لقيت الدعم من اكثر اطياف المجتمع التركي، وبلغ حجم الصادرات التركية في 2002 عند تسلم الحزب 36 مليار دولار، وفي عام 2008 بلغت 138 مليار دولار.
اعتقد ان تركيا لها مشروعها الخاص، وهو الحفاظ على مصالح تركيا الداخلية والخارجية وفي العلاقات الدولية ايضا، وهذا تصرف واع وحكيم ومسؤول في نفس الوقت، ولديها القدرة والامكانيات المادية والبشرية والعسكرية لتطبيق هذه الرؤية على ارض الواقع، وانا على ثقة كبيرة وقناعة بأن الدور الذي تقوم به تركيا لا يستطيع القيام به سوى الدول والقوى الكبيرة والعظمى، وهي قادرة على ان تكون في مصافي هذه الدول.
[email protected]